سيدة سورية ترعى الحيوانات الشاردة في دمشق وريفها

"جمعية خاصة" في دمشق لإنقاذ الحيوانات وحمايتها وإطعامها. من لم يرأف بالحيوان كيف سيرأف بأخيه الإنسان؟ تتشرد في شوارع علّها تحميها من الظروف الصعبة لكنها لا تستطيع حمايتها من قسوة البعض، فتستقبلها الطرقات إذا غدر بها أصحابها ورموها بعد أن أصابتها علة أو مرض ما، بدلاً من احتوائها والرعاية والاهتمام بها، ثم يظهر بعض الرحماء الذين تعتقد للوهلة الأولى أنهم لا يتواجدون سوى في عالم خيالي، يفتحون أبواباً تحتضن تلك المخلوقات التي عاشت في "دلال" وترف وتأكل من أصناف معينة، ثم دارت عليها الأيام لتلقى في الشوارع والأزقة، تواجه مصيراً قد ينتهي بالدهس تحت سيارة أو الموت جوعاً أو برداً ..أو قتلاً في بعض الأحيان . وفي الجانب التطوعي والمبادرات الفردية اختارت الناشطة السورية "سارة أورفلي" تسخير وقتها ومالها. في مبادرة غير مألوفة بإهداء الحيوانات الضالة ملجأ للرفق بها تحولت هذه المبادرة مع مرور الوقت والجهد الحثيث من قبلها إلى جمعية هي الأولى من نوعها في سورية تحمل اسم "الجمعية السورية لإنقاذ الحيوانات" تعنى هذه الجمعية بمساعدة الحيوانات المعرضة للخطر وإنقاذها، وإيواء الحيوانات المسنة، وأيضاً تعقيم وإخصاء الكلاب الشاردة للحد من تكاثرها، ونشر التوعية حول كيفية معاملة الحيوانات ومنع الإساءة لها. زرنا مقر الجمعية الكائن على طريق المطار بريف دمشق. بدأت قصة سارة مع رعاية الحيوانات الضالة المتخلى عنها منذ طفولتها كما حدثتنا قائلة: "تربيت وسط أسرة تحمل قيماً إنسانية وأخلاقية عالية عكستها بسلوكها تجاه الإنسان والحيوان والنبات أيضاً، إذ كان بيتنا العربي يحوي أكثر من خمسين قطة وثلاثين كلباً، كانت تطعمها والدتي من الطعام الذي تحضره لنا، كبرت وحملت تلك القيم وبدأت مسيرتي كناشطة في هذا المجال، أدور في شوارع دمشق وبعض أريافها باحثة عن حيوانات ضالة أو معنفة أو مصابة بحاجة للمساعدة استأجرت منزلاً لها، ازدادت أعداد الحيوانات المحتاجة للرعاية مع مرور الوقت فأصبحت الحاجة ماسة لمكان يتسع لتلك الأعداد الضخمة من الحيوانات". استأجرت سارة قطعة أرض في "شبعة" بريف دمشق وقامت بتهيئتها وتجهيزها لتكون ملجأ مناسباً لإيواء تلك المخلوقات الأليفة، يتضمن الملجأ الذي تبلغ مساحته حوالي 4000 متر مربع أربعين غرفة منها ما هو مخصص للقطط ومنها ما هو مخصص للكلاب وأيضاً للحمير التي يسيء أصحابها معاملتها، كما يوجد فيه أبقار، قنافذ، سلاحف، وطيور شاردة. وتابعت سارة: "إن باب هذا الفضاء مفتوح في وجه كل الحيوانات التي تحتاج إلى العناية والرعاية دون استثناء". ليس ترفاً ترفض رئيسة الجمعية نعت اهتمامها بالحيوانات الأليفة بالترف والأمر الثانوي، وتقول: " إنه عمل أخلاقي بالدرجة الأولى، وله أولوية بالنظر إلى تزايد أعداد الحيوانات المتخلى عنها، أو التي تتعرض للإهمال والمصابة أيضاً"، وتتسابق مجموعة من الكلاب للتعلق بسارة ومداعبتها تكاد تحضنها في تجسيد لعلاقة قوية تربطها بهذه الحيوانات التي يعج بها الملجأ. كما يعمل معها فريق تطوعي مؤلف من نشطاء بمجال حقوق الحيوان يعمل ليل نهار دون كلل وبظروف لا تخلو من الصعوبة في بعض الأحيان، على تأمين الطعام والأدوية والاستقصاء عن حالات لحيوانات تتعرض لانتهاكات على يد أصحاب المزارع والمحال والبيوت وتوثيقها عبر فيديوهات، شاهدنا بعضها وأكثر ما آلمنا فيديو لكلب مذبوح من عنقه نتيجة رسن كان قد ربطه به صاحبه، شاهدنا كيف كان الكلب يتألم بشدة ورأينا كيف أسعفه الفريق وقدموا له العلاج اللازم، كما يوجد طبيب بيطري يقوم بإجراء عمليات جراحية ويقدم العلاج المناسب للحيوانات المحتاجة. وتعمل الجمعية أيضاً على إخصاء الحيوانات للحد من إنجابها، وتعقيمها منعاً من إصابتها بأمراض معدية قد تنتقل للبشر، وتسعى الجمعية للتوعية المجتمعية بالرفق تجاه الحيوان، كما تشجع محبي الحيوانات على تبنيها بعد معالجتها، لتخفيف الأعباء عنها وتقدم تسهيلات لذلك. الصعوبات واجهنا الكثير من الصعوبات أثناء عملنا، كان أقساها عندما نبلغ عن وجود حالة حرجة لحيوان مصاب أو ضال أو جائع في منطقة اشتباك، كنا نقوم بمهامنا تحت القذائف والقنص وفي كثير من الأحيان كنا معرضين للموت، تضيف سارة. كذلك الأمر نعاني كثيراً من قلة التبرعات المادية رغم جهودنا الحثيثة في تخطي هذه العقبة، فالملجأ بنيته على نفقتي الشخصية من مبلغ كنت قد ورثته عن أهلي، إذ إن الحيوانات تحتاج كل يوم لطن من اللحوم البيضاء وحوالي 60 ألف بين تكاليف الأدوية واللقاحات والتعقيم وغيرها من لوازم الجمعية، وأغلب التبرعات تأتينا عبر العلاقات الشخصية من بعض الأصدقاء في الداخل وبعض المهتمين من الخارج . الأمنيات وتتابع سارة: "نحن بحاجة ماسة لتشبع أفراد مجتمعنا ولاسيما الأطفال بثقافة الرفق بالحيوان بوصفها مخلوقات ضعيفة ولديها أحاسيس ومشاعر، وأيضاً لحث مشاعر الخير الموجود بداخلنا، فمن لم يرأف بالحيوان كيف سيرأف بأخيه الإنسان؟ ويتحقق الوعي المجتمعي من خلال تعاون كافة مؤسسات الدولة بالإضافة للمجتمع الأهلي عبر سلسلة من الأنشطة منها: ورشات عمل للتوعية بحقوق الحيوان وكيفية السيطرة على الشاردة منها بطرق إنسانية بدلاً من قتلها أو تسميمها، وزيارات دورية للمدارس بهدف توعية الأطفال بكيفية التعامل مع الحيوانات، كما نأمل بالدعم المادي والتبرعات". الرفق قيمة إنسانية وأخلاقية لم يتعود عليها الناس في مجتمعاتنا العربية على الرغم من وجوده بطبيعة الحال في معظم الناس والتي قد تظهر بين بعض الأشخاص، فهي تدخل في تركيبتهم البيولوجية، لكن الناس تعودوا على ما رسخته البيئة من حولهم من تصرفات سيئة، أسهمت في غلظة القلب والعنف لدى شعوبنا فتسليط الضوء على سلوكيات الرفق والرحمة حتى يقتدي بها الآخرون خاصة الأطفال منهم حتى ينشئوا عليها، وتطبيقها عملياً حل ليكتسب أطفالنا القيم وتترسخ في نفوسهم، فالقيم جزء من الشخصية ولا يحتاج بناؤها إلى ظروف وإمكانيات اجتماعية أو اقتصادية كبيرة، فالطبطبة على قطة أو وضع ماء لكلب خير من معاملتها بوحشية. هبة شبطا

مواضيع ذات صلة