من سيدفع رواتب المسنين في أوروبا بعد 50 عاماً!؟؟مقال جدير بالقراءة..

يعتقد الكثير من السوريين الموجودين في ألمانيا أن الحكومة الألمانية استجابت للاعتصامات التي شارك فيها مئات اللاجئين السوريين في المانيا بهدف إلغاء بصمة دبلن للسوريين القادمين من دول أوربا الشرقية
ولكن الحقيقة هي غير ذلك ...
فأوربا القارة العجوز التي تكاد مدنها وقراها تخلو من الشباب ....
العصب المحرك لأي اقتصاد تريد أولادنا .
 
دعونا نذهب إلى المدينة التي أعيش فيها ..عدد سكانها 150 الف شخص ..
قبل أسابيع قليلة ..أثارت صحيفة محلية خاصة بالمدينة ضجة إعلامية عندما أعلنت أن الاحصائيات السكانية دلت على أن 49% من سكان المدينة هم أجانب وليسوا ألمان .
هذا مثال بسيط لمدينة صغيرة في المانيا ...فماذا لو ذهبت إلى المدن الكبرى مثل بون و برلين وكولن وهامبورغ وغيرها.
 
قال لي أحد الألمان .... 
"" أنا استغرب من هؤلاء الذين يخرجون بمظاهرات ضد اللاجئين ...
من سيدفع راتب التقاعد لي بعد 20 سنة ....
هل هؤلاء المتظاهرون سيدفعون لنا؟ أنا اقترح عليهم أن يذهبوا ويتزوجوا وينجبوا أطفال حتى نقتنع بمواقفهم ونخرج الأجانب من بلادنا ....
لكن هذا مستحيل ... """.
 
قال لي أستاذ جامعي في الاقتصاد وهو ألماني 
"" نحن الألمان نعرف الحقيقة المرة ونحاول أن نتجاهلها ....
فنحن دولة عجوز ومعدل الإنجاب عندنا لا يتجاوز 1.3 وهو أدنى بكثير من الحد الأدنى لنهوض واستمرارية أي دولة أو حضارة فنحن بحاجة إلى معدل إنجاب يتجاوز 2.2 حتى نستمر .....
لهذا السبب أهلا وسهلاً بهؤلاء المهاجرين الجدد الذي سيكون أبناؤهم عماد الاقتصاد الألماني في المستقبل القريب .... " 
 
لو أمعنا في التفكير قليلا وسألنا أنفسنا .....
لماذا لا تتوجه دول أوربا الغنية كالمانيا والسويد والنرويج وفرنسا إلى الدول الأوربية الفقيرة كهنغاريا وبولندا وايطاليا بأن يهاجروا إليها وان يحصلوا على جنسية تلك البلدان وتكون تقاليد وعاداتهم ودينهم واحد وبالتالي لا يحدث هناك تخوف من فوبيا الإسلام أو فوبيا الرجل الأسود ...
الجواب بسيط جدا ....
هذه الدول الغنية تريد أفراد وأسر فقدوا الأمل في العودة إلى بلدانهم بعد أن دمرت بيوتهم وأحلامهم .. وزودتهم بالبديل الذي يريدونه وهو الأمان والمسكن والطعام والتعليم الجيد لاولادهم وضمان صحي كان يحلم فيه في بلده الأم.
 
لقد أخبرني صديق تقدم في طلب هجرة نظامي إلى دولة أستراليا من مكان إقامته في السعودية وهو لا يعرف شيء في اللغة الانكليزية إلا ما تعلمه في المدرسة ....
وبعد شهر اتصلت عليه السفارة الأسترالية في السعودية وطلبت منه أن يأتي مع كل أفراد أسرته وكانوا 8 أطفال للمقابلة ....
فسألته السفارة عن سبب تقديم طلب الهجرة وانت تعيش في بلد آمن بعيدا عن الحرب في سورية ....
فاجابها ::: 
هنا لا يوجد حرية فزوجتي لا تستطيع أن تقود السيارة ...
بعد أيام ...حصل على رسالة من السفارة تطلب منه أن يجهز نفسه للسفر والعيش في الجنة الموعودة .....
لقد رفع صديقنا إشارة النصر بأصابعه الخمسة معتقدا أنه استطاع أن يقنع أو باللغة الحورانية أن يضحك على الاستراليين فيما قاله في المقابلة .....
لكنه نسي أو تناسى ما قالته وزيرة الخارجية الأسترالية في وقت ما عندما سألها أحد الصحفيين عن استقبال أعداد كبيرة من اللاجئين العراقيين غير المتعلمين والذين حتى لا يعرفوا أن يكتبوا اسمهم بلغتهم العربية ...
فأجابت باختصار ::
 " إن لم نكسب العقول فسنكسب البشر '' ...
بالله عليكم من هم البشر هنا ...
إنهم أطفال صديقي السوري الذي ضحك على الاستراليين في المقابلة وأطفالنا !!!! أليس كذلك .
 
دعنا نذهب إلى معدل الإنجاب في المانيا والذي هو 1.3 
ماذا يعني ذلك ؟؟
بكل بساطة لو افترضنا أن لدينا 10 رجال و 10 من النساء وتزوج كل رجل من امرأة فهذا يعني أنه تشكل لدينا 10 أزواج فالمجموع الكلي لهذه العشيرة بالمفهوم الإحصائي هو 20 فقط وإذا كان معدل الإنجاب هو 1.3 فهذا يعني أن عدد أفراد الجيل القادم هو 13 فرد فقط أي أن سبع أفراد أقل من جيل الآباء
 ولو شكلنا أزواجا من هذه العشيرة الثانية لكان عدد الأزواج 6 فقط من مجموع 13 فرد وسيكون أفراد الجيل الثاني كعدد صحيح هو سبعة 7 فقط .......ماذا يعني هذا ؟؟؟
ستنتهي ألمانيا بعد 7 أجيال باعتبار أن من تجاوز عمره فوق 60 لن يكون قادر على الإنجاب وأخص هنا الأنثى.
 
إذا ما هو الحل؟؟؟؟ 
الحل هو عند وزيرة الخارجية الأسترالية السابقة عندما قالت 
"" عقول أو بشر "" حتى ينجبوا العقول والمفكرين.
 
قد يسألني أحدكم ....
لماذا لا تشجع هذه الدول مواطنيها على الإنجاب وبالتالي تتخلص من مشكلة اللاجئين والمهاجرين ؟؟
 ومن قال إن هذه الدول لا تشجع مواطنيها على الإنجاب ...
فالمرأة هنا مع زوجها تأخذ إجازة امومة تعادل سنة ونصف تقريبا ولا تسأل عن دور رعاية الأطفال والمدارس التي تبقى مفتوحة حتى نهاية دوام الآباء ..،
وغير ذلك من أمور مالية كراتب الأطفال المستقل عن راتب الآباء والذي يبقى حتى السن ال 25 والمنح الجامعية والدور الهام الذي تلعبه دور رعاية الأطفال المنحرفين أو الذين آبائهم مدمنون على الخمر أو المخدرات وكذلك التبني ودور الكنيسة في مراقبة الأطفال ...وغير ذلك.
لكن السبب الحقيقي وراء تراجع نسب الإنجاب في هذه الدول هو العامل الاقتصادي أولا بسبب النظام الرأسمالي الذي يعتمد على تخطيط أفراد وروؤس أموال تحقق الربح لها وتخرج بأمان في الأزمات الإقتصادية وتبقي العمال في كفاح مع الواقع ...
والعامل الثاني هو ديني وضعف الايمان في التوكل على الله.
 
أظهرت دراسات عديدة ...أن المانيا بحاجة سنوياً إلى 500 ألف مهاجر حتى عام 2050 حتى تحافظ على قوتها الاقتصادية في العالم وحتى تستطيع الدولة تأمين رواتب مواطنيها المتقاعدين.
 
ما تظهره شاشات التلفزة الأوربية من وجود معارضين لهجرة اللاجئين إلى اوربا وان الهجرة يجب أن تتوقف ويجب إعادة اللاجئين إلى بلدانهم ... هذا كله تمثيل في مسرحية عالمية كبيرة جدا...
صدقها الكثير من الناس والقليل منا يعرف أنها فقط مسرحية .
ولعل هذا الحال ينطبق على جميع البلدان الغربية التي تستقبل المهاجرين واللاجئين حول العالم.
أيام كندية تشكر كاتب هذا المقال

مواضيع ذات صلة