أحسب أننا أكرم عند الله منهم.. بقلم معتز أبوكلام/ أيام كندية

أهدي هذه المقالة إلى عائلتي وأهلي وأحبابي.. إلى أصدقائي، في كل مكان سواء اتفقوا أو اختلفوا معي بالرأي يوماً ما، من المسلمين والمسيحيين ومن جميع الأديان والمعتقدات والطوائف والملل وجميع الإتجاهات الفكرية والوجدانية، وإلى كل إنسان بسيط في هذا العالم الرحب.
 
أحسب أنكم عند الله العلي القدير، أنبل وأكرم وأطهر من كل من مر من رجال التاريخ بكل غثاثته وفجاجته، (إلا من رحم ربي).
أقول ذلك لأنني لا أعتقد أن أحداً منكم قد قتل نفساً قَط، سواء بحق أو بغير حق، أو سفك دماً حرمه الله، أو صلب أو شوى أو قطع رأساً أو سبى امرأة أو استعبد طفلاً..، 
لا أظن أن أحداً منكم أو من أهليكم نصب يوماً محاكم للتفتيش؛ تلك المحاكم التي أُزهق تحت قوس عدالتها الزائفة أرواح الملايين من الكبار والصغار بسبب دينهم أو معتقداتهم بعد أن ذاقوا مما تقشعر وترتجف له الأبدان والقلوب من تعذيب وتقطيع وطرق بالمطارق وإذابة.. 
 
أنتم.. أنبل وأقدس من كل أولئك، لأنكم لم تحرقوا كتباً ولم تقتلوا نبياً ولا مفكراً ولا باحثاً ولا عالماً ولا كاتباً، ولم تدنسوا مقدساً ولم تقهروا شعباً ولم تحتلوا أرضاً ولا بلداً.
 
أنتم أرحم من أولئك جميعاً.. لأنكم لم ترملوا امرأةً ولم تيتموا طفلةً ولم تقهروا شيخاً مسناً ولم ترهبوا عابداً ولم تقطعوا شجراً ولم تحرقوا بيتاً. 
 
بعد كل المآسي والمخازي الدامية التي لفظتها صفحات التاريخ المظلمة على عتبات زماننا الحاضر، حري بنا أن ننأى بأنفسنا وبعقولنا وبكل مشاعرنا عن كل القرح والصديد الذي أحتوته تلك القرون الغابرة لأنها خزي وعار على جبين الإنسانية.
إن دُور العبادة المغتصبة سواء كانت جامع أو كنيسة أو معبد، لن يتقبل الله الصلاة ولا الترانيم فيها. ولن يستجيب الله لابتهالات راهب أو شيخ وهو يقف على رحاب أرض مسلوبة.
 
ولصفحات التاريخ الغابر أقول، أنا لا أثق بك.. لأن من أمر بتحبيرك وتدوينك هم طغاة غلبة بائدة، لم تكن حروبهم في سبيل الله ولا في سبيل الرب كما يزعمون إفكاً وزورا، بل كانت حروب طغاة همجيون برايات مزورة تبحث عن مجد زائف على حطام الدنيا.
 
ختاماً.. أدعوكم كما أدعو نفسي لأن نرى تلك الحقبة الغابرة كما لو أننا نرى لوحات رسام رديئ، أكتسب الأضواء والشهرة لقباحة لوحاته، فمهما انفعلنا وغضبنا كنقاد ومتابعين، لن نغير ولن نحسن من قبح تلك الرسمات قيد أنملة. 
ويجب أن لا نُحمل بعضنا بعضاً وزر أفاعيل شذاذ أفاق ذلك الزمان الغابر البعيد وأن لا نأخذ بعضنا بعضاً بجريرة أولئك المارقين على الله وعلى الإنسانية جمعاء. فأولئك اندثروا وحسابهم على الله، وعلينا نحن أبناء هذا الزمان أن نبني مفاهيمنا وحياتنا بعيداً عن مخلفات الماضي السحيق وأن نأخذ منه الدروس والعبر.
وكما قال ارسطو:  اعتبر بمن مضى قبلك، ولا تكن عبرة لمن يأتي بعدك.
 
معتز أبوكلام 
مؤسس ورئيس تحرير مجلة وموقع أيام كندية 
 
صباح الأحد ١٢ تموز ٢٠٢٠
ميسيساغا تورونتو كندا
 

مواضيع ذات صلة