سوق الإسكان العالمى يتجه نحو ركود متوحش!

17-11-22

- توقع حدوث تباطؤ هو الأكثر انتشاراً فى نمو أسعار المساكن منذ عام 2000 على الأقل
في نهاية عام 2021، بدت الأمور وردية بالنسبة لقطاع الإسكان العالمي، فقد كانت أسعار المنازل تنمو بأسرع وتيرة عبر 38 بلدا فى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية منذ بدء السجلات قبل 50 عاماً.
 
ويظهر تحليل البيانات من شركة الاستشارات "أكسفورد إيكونوميكس" توجهاً مشابهاً، فقد كانت أسعار المنازل في 41 بلد، من النرويج إلى نيوزيلاندا، آخذة في الارتفاع، بدعم من انخفاض قياسي في تكاليف الاقتراض والمشترين الذين لديهم مدخرات ينفقونها، ويمكن القول إنه لم يكن هناك وقت أفضل لامتلاك منزل على الإطلاق.
ولم يمض عام حتى اختلفت الصورة تماماً، فبينما يتعامل مُلاك المنازل حول العالم مع مدفوعات الرهن العقاري التي لا يمكن تحملها بشكل متزايد، فإن مشترى المنازل المحتملين يواجهون أسعار المنازل التى ترتفع بشكل أسرع من الدخل، وفي الخلفية تتعمق أزمة تكاليف المعيشة العالمية.
ما تغير بالطبع، هو شبح ارتفاع الأسعار والصدمة الاقتصادية الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا، وهذا أدى إلى ارتفاع معدل التضخم، الذي وصل الآن إلى أعلى مستوياته منذ عدة عقود في دول كثيرة، ما دفع البنوك المركزية حول العالم إلى تشديد السياسة النقدية بحدة، كذلك، تتوقع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية احتمالية انخفاض الأجور الحقيقية في العام المقبل.
 
والنتيجة هي أن طفرة الإسكان الناجمة عن وباء كورونا في أغنى دول العالم سيتبعها على الأرجح أوسع تباطؤ في سوق الإسكان منذ الانهيار المالي، وهذا بدوره قد يضيف المزيد من الضغط على الاقتصادات المتعثرة.
 
الآن، من المتوقع أن تشهد جميع الدول المدرجة في قاعدة بيانات "أكسفورد إيكونوميكس" تقريباً تباطؤا في 2023، ما يمثل التباطؤ الأكثر انتشاراً في نمو أسعار المساكن منذ عام 2000 على الأقل، وربما يسجل أكثر من نصف الدول انكماشاً فورياً في الأسعار، وهو أمر شوهد آخر مرة في عام 2009.
 
- التوقعات الأكثر إثارة للقلق
ويقول آدم سلاتر، كبير الاقتصاديين في "أكسفورد إيكونوميكس"، إن هذه هي التوقعات الأكثر إثارة للقلق في سوق الإسكان منذ 2007-2008، حيث تتأهب الأسواق بين احتمالية حدوث انخفاضات متواضعة وأخرى أكثر حدة، كما أن الارتفاع المستمر في معدلات الرهن العقاري في الاقتصادات المتقدمة يهدد بدفع بعض أسواق الإسكان إلى ركود حاد.
 
ويتفق صندوق النقد الدولي مع ذلك، ويحذر من أن سوق الإسكان العالمية عند "نقطة تحول"، حيث يشير تقريره حول الاستقرار المالي العالمي إلى أنه "في الوقت الذي تشدد فيه البنوك المركزية حول العالم السياسة النقدية بحدة لمعالجة ضغوط الأسعار، فإن ارتفاع تكاليف الاقتراض وتشديد معايير الإقراض، بجانب تقييمات المنازل المبالغ فيها، قد يؤدي إلى انخفاض حاد في أسعار المنازل"، ولا شك أن هذا "الانخفاض الحاد" سينتشر على نطاق واسع، وفقا لما نقلته صحيفة "البورصة" عن "فاينانشيال تايمز" البريطانية.
 
وبينما يغطي تحليل "فاينانشيال تايمز" القائم على بيانات "أكسفورد إيكونوميكس" بشكل كبير جميع الاقتصادات المتقدمة، يتوقع صندوق النقد الدولي أنه في سيناريو معاكس للغاية قد تنخفض أسعار المنازل الحقيقية 25% خلال الأعوام الثلاثة المقبلة في الأسواق الناشئة مقارنة بـ10% في الاقتصادات المتقدمة.
 
- ضرر في قطاع البناء ومورديه
ومن المرجح أيضاً أن يؤدي تباطؤ سوق الإسكان إلى كبح النشاط الاقتصادي الأوسع، ما يضر بقطاع البناء ومورديه.
 
ويتوقع سلاتر أن التباطؤ في قطاع الإسكان قد يخفض 0.2% من النمو العالمي نتيجة لانخفاض الإنفاق، و0.6% أخرى بسبب انخفاض الاستثمار السكن، ويقدر بنك كندا أن تراجع الإسكان سيقلل النمو الاقتصادي بمقدار 0.6% إلى 0.9% العام المقبل.
 
هذه الديناميكية بدأت بالفعل في الصين حيث اشتدت أزمة العقارات في الأشهر الأخيرة ونما اقتصادها هذا العام بأبطأ وتيرة منذ بدء السجلات في عام 1992، باستثناء فترة الوباء، وتراجعت مساحة أرضية المنازل المباعة بنسبة 26% في العام المنتهي في سبتمبر مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ونظرا إلى أن بيع العقارات التي لم يتم بناؤها بعد يشكل مصدر رئيسي لتمويل المطورين، فإن الانخفاض الحاد مع استمرار البلد في الضغط بسياسة "صفر كوفيد" قد أوجد ضغوط سيولة ذاتية التعزيز وأضر بالاقتصاد.
 
ولا شك أن أكبر عامل في التباطؤ هو معدلات الرهن العقاري، فقد استقر معدل الفائدة لصفقة مدتها 30 عاماً في الولايات المتحدة عند نحو 7%، أي أكثر من ضعف المعدل خلال العام الماضي والأعلى منذ عام 2008، عقب التتابع السريع لرفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة.
 
- ارتفاع معدلات الرهن العقاري
وبجانب الطفرة في أسعار المنازل في العامين الماضيين، ارتفعت أقساط الرهن العقاري الشهرية على عقار نموذجي إلى أكثر من 2600 دولار، مقارنة بمبلغ 1700 دولار في العام السابق.
 
هذا النمط متشابه في كثير من الدول، فقد ارتفعت معدلات الرهن العقاري لأعلى مستوياتها في الأعوام الأخيرة في جميع أنحاء منطقة اليورو، وكذلك في كندا وأستراليا ونيوزيلاندا.
 
وتقول ميلاني ديبونو، الاقتصادية في شركة "بانثيون مايكرو إيكونوميكس": "مع ارتفاع معدلات الرهن العقاري وتراجع البنوك عن الإقراض، ما يخفض الطلب، نظل واثقين من وجهة نظرنا بأن نمو أسعار المنازل في منطقة اليورو سيبدأ ينخفض بشكل حاد وسيتحول إلى السالب بحلول نهاية عام 2023".
العربية + وكالات

مواضيع ذات صلة