ابن حلب ورائد الاغتراب في أمريكا
قدم إسلاماً رحيماً ومعتدلاً في أفلامه
الأول من تموز القادم تحل ذكرى مرور 90 عاماً على ميلاد المخرج السوري العالمي مصطفى العقاد الذي ولد في حلب بتاريخ1 تموز 1930.
ففي عام 1949 غادر العقاد حلب إلى الولايات المتحدة الأمريكية لدراسة الإخراج والإنتاج السينمائي في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس، وأقام فيها حتى أواخر مراحل حياته.
كان الجميع يسخرون منه ويعتقدون بأنه ساذج ولن يحقق مايريد، ولكنه مع ذلك أحضر كتباً كالتي تدرس في الجامعات الأمريكية في مجال الإخراج وقام بدراستها وفهمها قبل مغادرته لأمريكا.
والحقيقة أن والده كان في البداية رافضاً لدخوله إلى مجال الإخراج، ولكنه في النهاية شجعه على المضي قدماً والسعي لتحقيق طموحه وكان مربياً فاضلاً علمه أن الدين الإسلامي دين الرحمة والعدل والمساواة. وبإصرار مصطفى العقاد على السفر، رضخ له والده. وعند سلم الطائرة قدم له مبلغ مئتي دولار والقرآن الكريم ليكون مؤنسا له في وحدته وغربته.
حط رحاله في (كاليفورنيا) حيث درس في جامعتها وتفوق على كل زملائه؛ ولا يزال اسمه بين قائمة المتميزين في هذه الجامعة. كان يتدرب على الإخراج أثناء الدراسة.
وذات مرة قام بإعداد فيلم عن (قصر الحمراء) نال الجائزة الأولى في الجامعة وبعد تخرجه عمل مساعداً للمخرج العالمي (الفرد هيتشكوك)، حيث تدرب على يديه ونال خبرة كبيرة من خلال عمله معه، وهذا ما ساعده في ما بعد على إعداد مجموعة أفلام Halloween (الهالووين). وبعد ذلك عمل في شبكة لإعداد أفلام بعنوان (كيف يرانا العالم؟)، جاب خلال تصويرها مناطق عديدة في العالم وهذا ما أكسبه معرفة بالثقافات المختلفة والمتنوعة. لقد استطاع العقاد أن يخترق أبواب هوليود بطاقته الإبداعية الكبيرة محافظاً على انتمائه العربي والإسلامي، فلم يقبل أن يغير جلده العربي. وعندما سئل: لماذا لم تغير اسمك لتجد فرصاً أفضل ؟ قال كيف أغيره وأنا قد ورثته عن والدي.
لقد علم أن الشعب الأمريكي يحب متابعة أفلام الرعب ويستمتع بمشاهدتها، فقدم هذه السلسلة للحصول على المال الذي يحتاجه لتقديم مشاريعه التالية التي كان يحلم بإعدادها والتي تتحدث عن قضايا أمته. وكان يريد أن يتعرف العالم إلى الإسلام الحقيقي وذلك الدين السماوي الذي يكمل الديانتين اليهودية والمسيحية وأنه دين توحيد وهو من الله لكل الناس ليخرجهم من الظلمات إلى النور. وكان يريد أيضاً أن يعرف الغرب بجوهر هذا الدين الذي يقوم على المحبة والمعاملة بالحسنى وبالتي هي أحسن وعندما سألوه "لماذا لم تأت ببطل مسلم ليجسد دور عمر المختار وأتيت بالنجم (انتوني كوين) ؟ قال لهم: (لكي يقتنع الغربيون بقضيتنا وبالظلم الذي لحق بنا لا بد من تقديم قضيتنا من خلال وجوه يعرفونها ويحبونها، فلا أحد في الغرب سيشاهد فيلماً عن العرب يقوم به العرب، ولكن بهذه الطريقة نقوم بلفت نظرهم وحثهم على مشاهدة ما نقدمه وبالتالي تفهم حقيقتنا ومعرفة قضايانا) .
تزوج العقاد مرتين: الأولى من السيدة (باتريسيا)، أمريكية تحمل شهادة الماجستير في الفنون والآداب وهي امرأة مثقفة جداً تجيد عدة لغات كانت زميلته في الجامعة وبسبب القوانين الأمريكية التي لاتجيز للرجل الجمع بين الزوجتين انفصل عنها.
اما زوجته الثانية فهي السيدة (سهى العشي) وكان زواجه منها سبباً في ارتباطه أكثر ببلده سورية.
لقد نال مصطفى العقاد جوائز كثيرة في عدد من المهرجانات السينمائية العربية والدولية، كما نال أوسمة عديدة من زعماء عرب وأجانب، وكرم من قبل الرئيس الأمريكي السابق بيل كلنتون وكان من المفترض أن يكرم في مهرجان دمشق السينمائي لكن وفاته حالت دون ذلك.
اشتهر كمخرج سوري عالمي في هوليوود ومن أشهر أفلامه - الرسالة الذي يتحدث عن نشأة الإسلام من خلال السيرة النبوية الشريفة ،وأسد الصحراء يتحدث فيه عن عمر المختار الذي حارب الاستعمار الإيطالي لليبيا في أوائل القرن العشرين، انتج عام 1981.
وعند إخراجه لفيلم الرسالة، استشار العقاد علماء الدين المسلمين لتفادي اظهار مشاهد أو معالجة مواضيع قد تكون مخالفة لتعاليم الدين الإسلامي. رأى الفيلم كجسر للتواصل بين الشرق والغرب وخاصة بين العالم الإسلامي والغرب ولاظهار الصورة الحقيقية عن الإسلام.
وذكر في مقابلة أجريت معه عام 1976: «لقد عملت الفيلم لأنه كان موضوع شخصي بالنسبة لي، شعرت بواجبي كمسلم عاش في الغرب بأن أقوم بذكر الحقيقة عن الإسلام. أنه دين لديه 700 مليون تابع في العالم (أصبحوا اليوم اكثر من مليار)، هناك فقط القليل المعروف عنه، مما فاجأني. لقد رأيت الحاجة بأن أخبر القصة التي ستصل هذا الجسر، هذه الثغرة إلى الغرب».
وفيما يلي الترتيب الزمني لأفلام مصطفى العقاد :
•الرسالة (النسخة العربية) بطولة: عبد الله غيث، منى واصف (1976).
•الرسالة (النسخة الإنكليزية) بطولة: أنتوني كوين، إيرين باباس (1976).
•هالووين (1978).
•أسد الصحراء (عمر المختار): أنتوني كوين، إيرين باباس، أوليفر ريد (1980).
•هالووين 2 (1981).
•هالووين 3 (1982).
•إنتاج فيلم موعد مع الخوف (1985).
•هالووين 4: "عودة مايكل مايرس" (1988).
•هالووين 5: "الثأر لمايكل مايرس" (1989).
•هالووين: "لعنة مايكل مايرس" (1995).
•هالووين اتش20: بعد 20 سنة (1998).
•هالووين: القيامة (2002).
وفي 9 تشرين الثاني 2005 حدث انفجار إرهابي في فندق راديسون ساس في عمان لحظة وجود العقاد في بهو الفندق لاستقبال ابنته القادمة للتو من السفر.
توفّيت ابنته ريما في الحال، بينما مات هو بعد العملية بيومين متأثراً بجراحه، تاركاً وراءَه فيلمي عمر المختار والرسالة وأحلاماً ما زالت معلقة.
كان المخرج السوري العالمي مصطفى العقاد يحضّر لعمل فيلمين سينمائيين، أولهما يتحدث عن فتح الأندلس والآخر يتحدث عن صلاح الدين الأيوبي، يوازيان جودة الأعمال السابقة. قال العقاد عن فيلمه الذي سيتحدث عن صلاح الدين الأيوبي: صلاح الدين يمثل الإسلام تماماً. الآن، الإسلام يصور كدين إرهابي، طال الدين كله بسبب وجود عدة مسلمين إرهابيين. إذا كان هناك دين ممتلئ بالإرهاب، فيمكن قول ذلك عن المسيحية أيام الحملات الصليبية. لكننا في الواقع لا يمكننا لوم المسيحية كدين بسبب مغامرات بعض أتباعها آنذاك، هذه هي رسالتي.
أنجب العقاد أربعة أولاد ريما (التي توفيت معه بتفجير عمان) من زوجته باتريسيا، وطارق ومالك وزيد من زوجته سهى العشي.
إعداد الصحفي: عبدالله قطيني
نقلا عن عدة مواقع،
أيام كندية