بريطانيا.. الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس وقصر باكنغهام تحت مجهر العنصرية بقلم فارس بدر/أيام كندية

ألف تحية إلى " ميغن ماركل" زوجة الأمير هاري لجرأتها في فتح هذا الملفّ . 
 
▪︎ من يحاسب الإمبراطورية البريطانية على جرائمها العنصرية التاريخية ؟ 
 
على الرغم من صغر حجم بريطانيا نسبياً، فإن الإمبراطورية البريطانية كانت في ذروتها واحدة من أكبر الإمبراطوريات الاستعمارية في التاريخ، حتى باتت تعرف بأنها إمبراطورية "لا تغيب عنها الشمس" لاتساع أراضيها، فإذا غابت الشمس في إحدى مستعمراتها، فإنها تشرق في مستعمرات أخرى. 
 
ففي ذروة توسعها، غطت الإمبراطورية البريطانية ، ما يقارب 23.84% من مساحة اليابسة في العالم. وقد تواجدت الإمبراطورية في جميع القارات المأهولة في العالم ، في الأمريكتين وأوروبا وآسيا وأوقيانوسيا وإفريقيا. 
 
يشهد التاريخ بالوقائع حجم الجرائم التي ارتكبها الإستعمار البريطاني في المستعمرات ، حيث يقول  شاشي ثارور، الكاتب والدبلوماسي الهندي : أن الإمبراطورية البريطانية ارتكبت أعمالًا وحشية على مدار تاريخها، واستنزفت بلاداً كانت تحتلها ، ومولت ثورتها الصناعية بنهب ثروات الشعوب التى كانت تحكمها بالحديد والنار، وفقًا لما أوردته صحيفة الاندبندنت البريطانية.
 
ولقدأوردت الصحيفة 5 جرائم وحشية قالت إنها من أبرز الجرائم التي ارتكبتها الامبراطورية البريطانية في تاريخها.
 
١- خلال حرب البوير الثانية( أو حرب جنوب إفريقيا) التي امتدت في الفترة من ١٨٩٩ حتى ١٩٠٢حيث قام البريطانيون بجمع نحو سدس عدد سكان البوير، وغالبيتهم نساء وأطفال، وقامت باعتقالهم فى معسكر كان مكتظا بالمعتقلين حيث توفي 27,927 شخصًا من مجموع 107 ألف شخص دخلوا المعتقل، مع عدد غير معروف من الأفارقة السود بسبب الأمراض والأوبئة.
 
٢- عندما تحدى متظاهرين مسالمين أمر حكومى وتظاهروا ضد الحكم البريطاني الاستعماري فى امريتسار فى الهند فى 13 أبريل 1919؛ قام جنود "الجورخا" بحبسهم داخل حدائق جوليانولا وإطلاق النار عليهم.
وكان الجنود يتلقون الأوامر من العميد ريجنالد داير، والذى أعطى الأمر بإطلاق النار على المتظاهرين لمدة عشر دقائق متواصلة، سقط منهم ما بين 379 و1000 متظاهر وجرح أكثر من ألف آخرين.
 
وفى وقت لاحق نصب الرأي العام البريطاني العميد ريجنالد داير كبطل، وجمعوا له 25 ألف جنيه إسترليني اعترافا بفضله.
 
٣- فى عام 1947، كلف "سريل رادكليف " بترسيم الحدود بين الهند وبين باكستان الدولة الناشئة.
وبعد أن قام رادكليف بتقسيم القارة الهندية على أسس دينية، أجبر نحو 10 ملايين شخص، من الهندوس فى باكستان والمسلمين فى الهند على الفرار من منازلهم، لأن الوضع انحدر بسرعة إلى أعمال العنف. وتقول بعض التقديرات أن ما يقرب من مليون شخصا لقوا مصرعهم فى مواجهات طائفية.
 
٤- ادعى الآلاف من الكينيين من كبار السن أن قوات البريطانية الاستعمارية قامت بإساءة معاملتهم واغتصابهم وتعذيبهم خلال انتفاضة الماو ماو عام في الفترة من 1951 إلى 1960، ورفعوا دعوة تعويض بقيمة 200 مليون جنية إسترليني ضد الحكومة البريطانية.
واعتقلت القوات البريطانية أفراد من قبيلة كيكيوي فى معسكرات وصفت "بمعسكرات الاعتقال البريطانية" .
وادعى أفراد القبيلة أنهم تعرضوا لتعذيب ممنهج وأنهم عانوا من انتهاكات جنسية خطيرة على أيدى القوات البريطانية.
ويقدر المؤرخ ديفيد أندرسون عدد القتلى من الكينيين بما يقارب المئة ألف.  
 
٥- توفي ما بين 12و 29 مليون هندي جراء المجاعات خلال حكم الإمبراطورية البريطانية، والتى قامت بإرسال ملايين الأطنان من القمح من الهند إلى بريطانيا العظمى مع احتدام المجاعة فى الهند.
 
ففى عام 1943، مات ما يقرب من أربعة ملايين من البنجلاديشيين من الجوع، عندما قام ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا بتحويل الطعام للجنود البريطانيين بينما تجتاح مجاعة قاتلة بلاد البنغال.
وقال ونستون تشرشل عن مجاعة البنغال: "أنا أكره الهنود، إنهم شعب همجي يعتنقون دين وحشى.. إنهم سبب المجاعة لأنهم يتكاثرون مثل الأرانب.  
 
والحديث عن جرائمهم بحق الهنود في أميركا الشمالية يمكن الإطلاع علك كتاب: " دولة فلسطينية للهنود الحمر" لمؤلفه  منير عكش، حيث يعرض بالتفاصيل الموثقة  من أرشيف الخارجية البريطانية سياسات الإبادة الجماعية التي اعتمدها الغزو البريطاني بحقّهم. 
 
وماذا عن "وعد بلڤور" بتاريخ الثاني من تشرين الثاني عام ١٩١٧ الذي عبّر عنه وزير خارجية المملكة المتحدة يومها في رسالة  "آرثر بلڤور" الى اللورد ليونيل دي روتشيلد أحد أبرز أوجه المجتمع اليهودي البريطاني وذلك لنقلها إلى الاتحاد الصهيوني لبريطانيا العظمى،  وهو الوعد الذي أعطى اليهود الحق في إنشاء وطن قومي لهم في فلسطين على أنقاض شعب بكامله. 
يومها علّق أنطون سعادة قائلاً : " إنّ من لا يملك ، أعطى وعداً لمن لا يستحق. ". 
و تضاف  هذه الجريمة بحق الشعب الشعب الفلسطيني إلى السجلّ التاريخي الحافل بالجرائم للإمبراطورية البريطانية التي تلوثّت يداها بدماء المستعمرات وسكّانها. 
 
واليوم نتابع على وسائل الإعلام العالمية أخبار "الأمير هاري" وزوجته السمراء " ميغن ماركل" التي امتلكت ما يكفي من الشجاعة لإتهام العائلة المالكة في قصر باكنغهام بالعنصرية في مقابلة تلفزيونية أجرتها معها صديقتها " أوبرا ونفري". 
 
وفي تلك المقابلة، قالت ميغان إنها وجدت الحياة الملكية صعبة للغاية لدرجة أنها "لم تكن ترغب في البقاء على قيد الحياة" في بعض الأحيان، وإنها عندما لجأت للمؤسسة الملكية طلبا للمساعدة، لم تحصل عليها.
وخلال المقابلة، سُئلت الدوقة عن رأيها حول سبب عدم تسمية ولدها آرتشي أميرا.
وقالت: "في تلك الأشهر التي كنت فيها حاملاً، كانت تدور عدة محادثات في الوقت ذاته بخصوص أنه لن يحصل على حماية أمنية، ولا على لقب، وأيضا مخاوف وحديث حول...(لون) بشرته عند ولادته".
 
وبموجب القواعد المعمول بها منذ عام 1917، لن يصبح أطفال الزوجين تلقائيا أمراء أو أميرات، ما لم تتدخل الملكة.
وقالت ماركل إن التعليقات حول لون بشرة آرتشي قيلت لهاري وهو بدوره نقلها إليها.   
 
وردا على سؤال أوبرا عما إذا كانت هناك مخاوف من أن يكون طفلها "أسمر جدا" وأن ذلك سيكون بمثابة مشكلة، قالت ميغان: "إن كان هذا افتراضك، فهو افتراض سليم نوعا ما".
 
وعندما ضغطت عليها أوبرا، رفضت ميغان الكشف عن هوية الشخص، قائلة: "أعتقد أن ذلك سيضر بهم كثيرا"، وانتقل الزوجان إلى كاليفورنيا بعد تخليهما رسميا عن واجباتهما الملكية في شهرآذار من عام 2020، وأُعلن الشهر الماضي أنهما لن يعودا عضويَن عاملين في العائلة المالكة.
 
وفي مقطع مصّور جديد، لم يكن جزءا من المقابلة الأصلية، سُئل الأمير هاري عما إذا كان الزوجان قد غادرا بريطانيا بسبب العنصرية، فأجاب: "لقد كان ذلك جزءا كبيرا (من قرار المغادرة)".
 
فإذا كانت العائلة المالكة في قصر باكنغهام قد كشفت عن وجهها العنصري بحقّ من يُفترض بها أن تكون جزء من هذه العائلة،  وجعلتها تفكر بالانتحار مراراً ، وبعد اغتيال الأميرة ديانا  والدة الأمير هاري وصديقها "عماد الفايد" إبن رجل الأعمال المصري محمد الفايد في الحادث المعروف بإسم "نفق جسر ألما" في الثلاثين من شهر آب عام ١٩٩٧..... 
وإذا كانت " ميغن ماركل " قد قررت المواجهة مع السياسة العنصرية لهذه العائلة مطالبةً بالتعويض عليها وعلى عائلتها. 
فمتى يأتي ذلك اليوم الذي سترفع فيه الشعوب المتضرّرة والمجروحة من التاريخ الحافل بجرائم الإستعمار البريطاني صوتها للإدانة أوّلاً وللمطالبة بالتعويضات ثانياً على غرار ما فعله تمرّد الماو ماو في كينيا على يد “جيش الحرية والأرض الكيني” بين عامي ١٩٥٢ و ١٩٦٠.

مواضيع ذات صلة