لماذا لم تكن أوروبا تعتني بالنظافة وكانت مرتعاً للقذارة في القرون الوسطى.. وكيف تحولت إلى قارةٍ تبرق نظافةً؟

حقائق صادمة عن أوروبا القديمة .. بالطبع الجميع يندهش اليوم من رقي أوروبا وتجد الجميع يتحدث عن نظافة مدنها ونظامها ولكن يبدو أننا نسينا تاريخنا العريق وأن العرب والمسلمين هم من علموا العالم العلم والرقي بل وعلموا أوروبا النظافة و العناية الشخصية. أنت ترى أوروبا الحالية ولكن ماذا تعلم عن أوروبا القديمة هل تعتقد أنها كانت راقية ونظيفة؟ تعالَ نستعرض معا كيف كانت أوروبا قديماً:
النساء في أوروبا القديمة : كان النساء في أوروبا القديمة و على وجه الخصوص الجواري يقمن باستخدام العطور بكثرة و يرتدين أفخم الملابس من أجل محاولة أخفاء رائحتهن الكريهة و يقول ساندرو ماري في كتابة أن مبعوث روسيا القيصرية وصف ملك فرنسا لويس الرابع  بأن رائحته أقذر من رائحة الحيوان البري والجواري لدى الملك كُنَّ يقمن بنقع أنفسهن في حوض من العطر حتى لا يضطرن إلى استخدام الماء المضر و كان أكثرهن نظافة من تقوم بالاستحمام مرتين في عمرها .
 
الملوك و النظافة :
القصير الروسي بيتر : كان القيصر الروسي بيتر يتبول على جدران القصر أمام الناس بدون أي خجل .
الملكة إيزابيلا الأولى: لم تستحم في حياتها إلا مرتين فقط.
 
الملك الإسباني فيليب الثاني : هذا الملك لم يحرم الاستحمام فقط على نفسه بل أيضاً منع الاستحمام بشكل نهائي في بلاده
 
إيزابيلا الثانية : ابنة الملك فيليب الثاني أقسمت أنها لن تقوم بتغير ملابسها الداخلية حتى الانتهاء من حصار إحدى المدن و الغريب أن هذا الحصار استمر ثلاثة سنوات بينما ظلت إيزابيلا محافظة على قسمها و لم تقم بتغير ملابسها الداخلية حتى ماتت بسبب هذا الأمر.
 
▪︎ مشوارٌ طويل قطعته القارة الأوروبية خلال القرنين الماضيين لتنتقل من قارة يشكو الناس من رائحة مدنها، إلى أوروبا نظيفة وخلابة كالتي نعرفها اليوم.
الكاتب ساندور ماراي الذي ولد في بداية القرن الـ 20 لعائلة بورجوازية، أصدر كتاباً يؤرخ الحال الأوروبي، اعترف فيه بأن الاعتقاد الذي كان شائعاً في عائلته الغنية هو أن الاغتسال الكثير يضر بالصحة. ويقول ماراي في كتابه “اعترافات بورجوازي” إن رائحة أوروبا كانت لا تطاق بالفعل؛ فأكثر الأغنياء كانوا يغتسلون بالماء خلال الأعياد فقط، وإن الحمامات وأماكن الاغتسال في قصور وبيوت الأغنياء كانت مجرد ديكور، بل وإنهم أحيانا كانوا يغتسلون مرةً واحدةً كل عام. موراي قال في كتابه، "كان البورجوازيون الأوروبيون في نهاية القرن الـ 19 يغتسلون فقط حين يمرضون، أو حين يكونون على وشك الزواج". وأضاف بأن شوارع أوروبا في القرون الوسطى كانت عبارة عن مرتع للفضلات، وكانت تعبرها الحمير والبغال والأبقار والماعز والخنازير، فتضيف إليها ما استطاعت، وبعد ذلك يأتي الجزارون فيذبحون المواشي في الشارع العام فتختلط الدماء وأمعاء الحيوانات بفضلات البشر، فيصبح كل ذلك منبعاً لكل الأمراض الممكنة. وأضاف بأن الفكرة الشائعة في القرن الـ 18 كانت أن الإنسان يستحم مرةً واحدةً في حياته، وكان المارة في شوارع المدن الأوروبية يضطرون للقفز فوق الفضلات البشرية حتى لا يدوسونها بأقدامهم. وكان السكان يضعون فضلاتهم في أكياس، ثم يرمون الأكياس عبر أقرب نافذة. ماراي تساءل كيف أنه مع عصر النهضة الأوروبية لم يستطع الكثير من العلماء تفسير أسباب أمراض مثل الزهري أو الطاعون أو الكوليرا، بل إن علماء ظلوا يعتقدون أن الاغتسال بالماء الساخن يضعف الجسم ويعرضه للأمراض. انتشرت وقتها "نصيحة علمية" بأن التنظيف يجب أن يكون بالوسائل الجافة ومن دون ماء، وأن الأطفال يجب أن ينظفوا وجوههم بخرق من الثوب الجاف، لأن استعمال الماء يفقد الوجه ألوانه الطبيعية ويجعله عرضةً لأشعة الشمس وللرياح الباردة. ويصف ماراي أغلب المنازل الأوروبية في العصور الوسطى، بأنها كانت بلا غرف استحمام ولا مراحيض، وأن سكانها كانوا ينزوون في ركن قصي من الشارع ويقضون حاجاتهم دون أي حرج. غير أنه من أغرب ما يرويه كتاب "اعترافات بورجوازي" هو كيف كانت الفضلات البشرية تستعمل من أجل غسل الجلود وتلميع الزجاج، وأن بعض الشركات كانت تجمع تلك الفضلات في آبار عميقة لتعيد استعمالها. ويضيف الكتاب، "كانت النظافة مقتصرة على الشوارع الكبرى أو الأماكن التي تمر منها المواكب الرسمية، وأفضل وسائل التنظيف في تلك الفترة هي ترك الخنازير تقتحم الأسواق والشوارع من أجل التهام الفضلات البشرية وبقايا الأكل والخضار، لكنها تلتهم الفضلات وتترك فضلاتها في الشارع، فينتظر الناس الأمطار كي تتكفل بجر ما تبقى نحو الوديان والخنادق"  ويقول ماراي في “اعترافات بورجوازي” إن أفراد الطبقة الراقية كانوا “يغتسلون” بواسطة الملابس، أي أنهم كانوا يغيرون ملابسهم الداخلية باستمرار - مرةً في الشهر -، لأنها كانت تمتص العرق والوسخ، وكانوا يحبذون الظهور بملابس بيضاء. ويحكي الكاتب الفرنسي بول سكارون، الذي عاش في القرن الـ 17، في مسرحية “رومان كوميك”، كيف أن الخادم كان يأتي لسيده بمياه نقية ومعطرة، وأنه كان يكتفي بغرغرة بعض الماء المعطر في فمه ثم يبصقه وينتهي الأمر. في القرن الـ 19، بدأت عدة مدن أوروبية تستعمل وسائل خاصة من أجل عزل المياه المستعملة عن مياه الشرب. وانتشرت المراحيض في إنكلترا وعليها عبارة VC ثم بدأ الأوروبيون ينظمون معارض ومؤتمرات حول آخر وسائل النظافة، وتم اكتشاف أدوية مضادة لعدد من الأمراض الوبائية مثل الطاعون والكوليرا والتيفوس والحمى الصفراء. عندها اكتشف الأوروبيون أن الماء لم يكن سيئاً، وأنه من الممكن الوقاية ضد عدد كبير من الأمراض بوسائل بسيطة مثل غسل الأيدي قبل الأكل أو بعد الخروج من المرحاض. وبعد ذلك أصبح الصابون صديقا للأوروبيين. وفي سنة 1847، اكتشف العالم الهنغاري، اينياك سيملويز أسباب الإصابة بالحمى القاتلة، والدواء كان بطبيعة الحال هو النظافة. وفي سنة 1869، اكتشف العالم الاسكتلندي جوزيف لستر وسائل التعقيم ودورها في الحد من الموت بعد العمليات الجراحية، ما أثبت أن الماء لا يضــر أبداً بالصحــة. ورغم كل ذلك فإن الخوف من الماء ظل سائداً في أوروبا حتى بداية القرن الـ 20، ومع مرور الأيام والسنوات تحولت أوروبا من قرية يرمي فيها الناس فضلاتهم من النوافذ، إلى قارة تبرق نظافة وعناية.
 
مصادر متعددة
 
إعداد: أيام كندية

مواضيع ذات صلة