دراما 2020

دراما 2020
"العشرة الأوائل" أسفل السلم !!!!؟؟؟؟
دمشق – عامر فؤاد عامر

مضى العام 2020 ولم يقدّم الكثير من الأعمال المميّزة على صعيد الدّراما، لا سيّما المحليّة منها، ومع ذلك استمرت عجلة الإنتاج الدّرامي في تقديم أعمالها، لكن حقيقة يكاد لا يُذكر أيّ صدى من أصدائها في الشارع، إذّ أنه لم يترك أثراً حقيقيّاً أو قيمةً، علماً أن مبالغ طائلة قد صُرفت عليها، وإذا رجعنا لأعمال سابقة نجد أن كلفة أقلّ قد استهلكت وأثر أعلى قد حققت.
وهنا من الملفت للانتباه أن الأكثر جذباً للجمهور كانت الأعمال المشتركة، لكن لماذا هذا النّوع الدّرامي هو الأكثر جذباً؟! وهي تكاد تشبه الدّراما التركيّة برداءتها! قصور، سيارات فارهة، فتيات مغريات أو صاحبات لقب ملكات جمال لا يجدّن التمثيل، لباس ملفت، ثراء،... إلخ.
ويبدو أن الإجابة باتت واضحة للعلن فهناك توجّه لسحب البساط من الدّراما السّوريّة، وتتفيه المحتوى، فيأخذون نجوم من سوريا عاليي المستوى والحضور، ويضعون مقابلهم إمّا ملكات جمال أو مُنتجات ومشاركات في الإنتاج تردن أو يريدون أن يجدوا لهن دوراً.
وانطلاقاً من هذه الفكرة اخترنا أهمّ عشرة أعمال برزت أكثر من غيرها خلال العام المنصرم، نذكرها بحسب زمن عرضها على الشاشات.
عُرض في الموسم الرمضاني العديد من المسلسلات، اخترنا أميّزها وأوّلها "مقابلة مع السيد آدم" من تأليف وإخراج فادي سليم، ومن بطولة الفنان غسان مسعود ومجموعة من النجوم السوريين، استطاع المخرج أن يُمسك بأدوات هذا النوع من العمل الدّرامي المُصنّف في خانة البوليسي فنجح في المعادلة، وغالباً ما تكون الأعمال البوليسيّة أن المجرم يُكشف في نهاية العمل بينما هنا كُشف المجرم في الرّبع الأوّل من الحلقات، ومع ذلك استطاع أن يُحافظ على التشويق، وقد اعتبر البعض أن هذا ضعف في الحبكة فقد درجت العادة أن المجرم يكشف في النهاية، لكن يبدو أن هذا هو مصدر نجاح العمل.
كان يُعرض في نفس المدّة الزمنيّة أيضاً عمل المخرج الليث حجو " أولاد آدم" وهو من تأليف رامي كوسا، وكعادة أعمال المخرج "الليث" كان هو الورقة الرّابحة في العمل، لكن هذا العمل يدفعنا إلى عدّة تساؤلات، ماذا يريد الكاتب من هذه القصّة التي جهدت في تبرير الجوانب السّلبيّة في حياة الأبطال؟! ما الهدف من تشويه المهاجر السّوري الذي ضغطت عليه الحرب؟! أنّ يُشوّه في هذه المجتمعات! ما الهدف من بناء هذه الشّخصيّات؟! علماً أنه في كلّ المجتمعات توجد هذه الشّخصيّات السّلبيّة، أمّا أن يتعمّد الكاتب في إلباسها الثوب السّوري، وأين في المجتمع اللبناني؟! هل هو متعمّد ومدفوع أم وجهة نظر أمّ ماذا؟! وحقيقة أننا أمام تساؤل لماذا قبل المخرج الليث حجو بهكذا نصّ؟! ولولا جودة الإخراج وجدارته لا يمكن أن يتابع العمل أبداً.
العمل الوحيد الذي حمل طابعاً كوميدياً في رمضان "ببساطة" تأليف مجموعة كتّاب وإخراج تامر اسحاق، لم تحمل لوحاته أيّ شيءٍ جوهري، أو جديد، حتى أنها شديدة السّطحيّة في بعضها، وكأنه يُلوّحُ للفكرة من بعيد، وبالتالي فقدت اللوحات ما يمكن أن يكون لها من أثرٍ للمتابع، ومن هنا لم تترك ما يمكن أن يدخل في ذاكرة المتلقي أو الجمهور لفترات لاحقة من هذا النمط على غرار سلسلة "بقعة ضوء".
لنذهب الآن إلى الأعمال التي عُرضت خارج موسم رمضان، وعلى المنصّات الإلكترونيّة كنوعٍ جديد من العرض، كتجربة مسلسل "العميد" من تأليف وإخراج باسم السلكا، وبطولة الفنان تيم حسن والفنانة كاريس بشار ومجموعة من الفنانين.
جاءت التجربة في هذا المسلسل كبنية دراميّة أشبه بنصّ مسلسلات الثلاثين حلقة لا يناسب ما يجب أن يكتب لنصّ المنصّة الإلكترونيّة.
أمّا على صعيد الإخراج بدا واضحاً أن هناك استعراض عضلات على كافة الأصعدة لإبراز أن هناك مقدرة إخراجيّة وهذا غير مفهوم لماذا؟! وكان حضور البطلين تيم حسن وكاريس بشار طاغٍ على باقي العناصر، مع ملاحظة واضحة للعيان أن هناك شخصيّات أُقحمت إقحاماً على المشاهد.
"شارع شيكاغو" نص وإخراج محمد عبد العزيز، وبطولة عدد من نجوم الدّراما السوريّة، بدأ عرضه في تموز الماضي، جرعة بدايتها أمل ونهايتها خيبة، فالوعد بولادة عمل نوعي لم يأتي في مكانه أبداً، وعلى الرغم من محاولة تسليط الضوء على فترة زمنيّة مهمّة ومكان يعد مجهول للمعظم اليوم، إلا أن الجمهور نسي كلّ شيء كان في العمل والتفت إلى مشاهد سماها البعض بالجريئة، والبعض الآخر أطلق عليها مسميات أخرى، لكن بالمجمل "شارع شيكاغو" عملٌ يعجّ بالمشاكل وأخطاء الراكورات، ويبرر للفكرة العاهرة وليس للجرأة.
تابع الجمهور في 23 آب "دانتيل" للمخرج المثنى صبح، وكان من الممكن أن يحقق هذا المسلسل حضور ونجاح كبيرين إلا أن إيقاع العمل كان بطيئاً بصورة جعلت المتابع يعزف عن المتابعة، وفقط بقيت المتابعة لشريحة المعجبين بنجمي العمل محمود نصر وسيرين عبد النور.
عُرض في بداية الشهر التاسع مسلسل "المنصة" من تأليف هوزان عكو، وإخراج الألماني رودريغو كريشنار، وبطولة مجموعة من نجوم الدّراما السوريّة والعربيّة، وهو أهمّ محاولة مكتملة العناصر لعمل مخصّص للعرض في منصّة إلكترونية خلال العام 2020، والتجربة تكاد تكون خالية من الأخطاء، وذلك بسبب إيجابيّات العمل الكبيرة والمدّروسة، فكلّ العناصر تقريباً تأخذ علامة عالية، وفقط الملاحظات أن بعض اللوكيشنات كانت غير موفقة وعددها قليل لا يتجاوز عدد أصابع اليدّ الواحدة، وأيضاً وجود ممثلين في غير مكانهم المناسب ولكن ليسوا من ممثلي الشخصيّات البطلة بل من الشخصيّات الثانويّة.
جاء عرض الجزء الثاني من "عروس بيروت" في 11 تشرين الأوّل من إخراج التركي فكرت قاضي، وتأليف طارق سويد، بطولة نجوم الدّراما السوريّة واللبنانيّة، وهو عمل من نوع خاصّ "لايت"، يُعدّ النسخة العربيّة عن مسلسل تركي يحمل نفس روح العمل وأحداثه، اعتمد قصص الحبّ كحبكة أساسيّة في كلّ حلقات العمل، والتشويق الأساسي لكلّ الأحداث، ففي هذا النوع من الأعمال الحبّ مشروع بين جميع الشخصيّات كبيرة أو صغيرة في السّنّ أو التجربة أو المكانة الاجتماعيّة، وكان الاهتمام واضح وكبير في الدّيكور، والأزياء، والمكياج، على حساب عناصر مهمّة أخرى.
بدأ عرض "دفعة بيروت" في 18 تشرين الأوّل من إخراج علي العلي، وتأليف هبة مشاري حمادة، والعمل ما يزال يُعرض حتى اليوم بمعدّل حلقتين في كلّ أسبوع، وضمن ما تابعناه وجدنا تركيز عالي لحضور العنصر الخليجي في لبنان ضمن ستينات القرن الفائت، ويبرر لذلك أن الإنتاج كويتي، لكن لا يبرر ذلك الإهانات الصريحة للبنان، فبالكاد تظهر شخصيّة إيجابيّة وحيدة من هذا البلد في حين باقي الشّخصيّات إمّا سلبيّة للعظم أو معلّقة وكأنها وسائل إيضاح، ولا ندري لما الصّحافة اللبّنانيّة صامتة عن هذه الإهانات؟! العمل بسيط الطرح وقريب من الناس كونه يتحدّث عن حياة مجموعة من الطلاب العرب في الجامعة الأمريكية ببيروت، لكنه لا يحمل أحداث دراميّة من العيار الثقيل أو حتى الحرفي، وأهمّ مشاكل العمل هو عدم المقدرة على معالجة قيمة الحبّ، ويُسبغ على الشّخصيّات التّصرفات المشحونة بالعاطفة من جهة ثمّ المثاليّة في ختم كلّ موقف، لذلك تظهر المعالجة متطرفة، لكن من أجمل عناصر العمل كان الإخراج على الرغم من ضعف المونتاج في بعض الحلقات، وكذلك الموسيقى التي أخذتنا لزمن الستينات فعلاً.
أطلّ "الهيبة - الرّد" مع بداية شهر تشرين الثاني، وجاء هذا الجزء من تأليف فؤاد حميرة، وإخراج سامر البرقاوي، وقد حافظ على المستوى اللي أنجزه عرض الأجزاء السابقة، وبكلمة مختصرة "الهيبة" عمل درامي مهم وخطير فهل هو عمل ناجح بالمطلق؟! أم فقط ناجح ضمن شروطه؟ وبغض النظر إن أحببنا المحتوى أم رفضناه فهو يؤثّر في الشارع ونلحظ ذلك على الأطفال في الشارع، وما نزال نرى كيل الاتهامات لهذا العمل في كلّ موسم.
وعلى الرغم من حذر المخرج في عدم الترويج للممنوعات بالرغم من تعاطي أحداث المسلسل لها، نقف أمام سؤالٍ مشروع ألا يعدّ هذا مداراة للشعور العام وذكاء في عرض المحتوى؟! لكن يؤخذ على هذا الجزء أيضاً عرضه لمشاهد القتل والدّماء التي لن يحبّذها المتلقي في نهاية المطاف، ولا بدّ من التذكير بأن سرّ نجاح العمل مرتبط بشكلٍ أو بآخر بجدارة الممثلين كالقديرة منى واصف والنجم تيم حسن، والتلوين المُعتمد واختيار اللوكيشنات الجاذبة، وبالتالي يذهب بنا الهيبة لمكانٍ خاصٍّ بين أعمال العام 2020.


 

مواضيع ذات صلة