حفل إعلان نتائج مسابقة يوم المسرح العالمي 2020

حفل إعلان نتائج مسابقة يوم المسرح العالمي 2020
خطوة نحو التعافي والعناية بالمسرح المدرسي
دمشق – عامر فؤاد عامر

"الأوقات السيّئة هي وقت جيّد للمسّرح"، قد لا نجد في هذه العبارة إلا أبعادها التي تحاكي الوقت الراهن - هذه الجملة التي ذكرها شهيد نديم الباكستاني في رسالته بمناسبة يوم المسرح العالمي في 27 آذار 2020 - وعلى الرغم من فارق الأيّام بين يوم المسّرح ويوم حفل إعلان نتائج مسابقة مديريّة المسّرح المدّرسي في دمشق 24 تشرين الثاني، إلا أن الإصرار على تحدّي الظروف، ومتابعة النشاط، وعدم إهمال مواهب الأطفال، كانت كلّها عناوين لافتة للمديريّة، فثابرت على تقديم نسختها الثانيّة من هذا التقليد الجديد جداً على مستوى سوريا، ولن نكون مبالغين لو قلنا على مستوى الوطن العربي. الاحتفالية جاءت تتويجاً للمسابقة التي تطرحها المديريّة سنويّاً لتفعّل المسّرح كحالة واعية في مدارس القطر، وتمنح فرصة للطلاب الموهوبين بتقديم أنفسهم على الخشبة، وتفعيل حسّ تنافسي فيما بينهم من خلال عروض يُكرّم المميّزون في أدائها، كعروض جماعيّة، وطلاب ممثّلين، ومدرّبين مختصّين وغير مختصّين في ميدان المسّرح، وقد حضر الحفل كلّ من وزيري التربية دارم طبّاع والثقافة لبانة مشوّح.
اهتمّ الحفل بتقديم نموذج جديد كاحتفاليّة خارج  إطار المألوف من غناء، ورقص، وكلمات شكر وغيرها، فكان في بداية الحفل عرض مسرحي لا بدّ من الإشارة إليه لأهميّة ما طُرح فيه، وكيفيّة إعداده ومعالجة أفكاره، وعلى الرغم من ضعف الدّعم الإنتاجي الذي قد يرفع عروضاً لمستوى الإبهار ويرمي بأخرى لمستوى الحضيض، إلا أن العرض حقق لمسته الخاصّة، فكان يعتمدُ بشكلٍ رئيس على كلمة يوم المسّرح لشهيد نديم فيجسّدها كشواهد حيّة بتطعيم موازٍ لمنطق وشواهد المسرح السوري، فنجد أمامنا الكلمة معروضة على مسرح دار الأوبرا بلغةٍ مسرحيّةٍ سوريّة.
يعدّ هكذا عرض نوعاً خاصّاً في إعداد العروض المسرحيّة، وهنا تميّزه الأوّل أمّا التحدّي فيأتي من حيث اللغة الزمانيّة فهو إن اعتمد على آخر ما صُرِّحَ به في رسالة يوم المسرح إلا أنّه عرفنا على شيء من تاريخ فريق "أجوكا" المسرحي الباكستاني، وعلى الشاعر الصوفي "بُلهي شاه" وكان ذلك من جهة، أمّا من جهةٍ ثانية فكان لأعلام المسرح السوري حضورهم، بدايةً بأبو خليل القباني، فسعد الله ونوس، وممدوح عدوان، وبهذه الحبكة وجد المتلقي نفسه أمام لوحة متراصّة من المخزون الفكري المسرحي بألوان لافتة، ولن نطيل فالإسقاطات مهمّة لا سيّما وأن شخصيّات من التاريخ جسّدها العرض كزرقاء اليمامة، وابن خلدون، وغيرهما، وعلى لسان هؤلاء كانت الحكمُ تنطلق وتتوازع، ومنها ما يحاكي الهمّ المسرحي، ومنها ما يذهب إلى الوجدان، والإنساني العام، فمتى يصبح المسرح مزاراً؟ وكيف يتّحد المؤدى على الخشبة مع حاجة المتلقي؟ وغيرها المزيد من الإسقاطات التي تشبهنا جميعاً، وهذا ما نلمسه أيضاً من خلال الصمت المُطبق في الصالة الدّال على إشارات الاستفهام، والأسئلة الذاتيّة لكلّ شخصٍ، فمثل هذا العرض لم نجده في المناسبات الاحتفاليّة والكرنفاليّة المحليّة من قبل!
 لا بدّ من الإشارة أيضاً للحركة التي اعتمدها العرض منذ لحظة دخول الممثّلين مشهدهم الأوّل ولهذا دلالاته المهمّة أيضاً، فهناك دائريّةً شكليّة، تم نظمها، قسّمت العرض لنصفين الأوّل حركة دائريّة عكس عقارب الساعة، ونستدل بها لمفهوم اللا علمية والتشاؤميّة والابتعاد عن المنطق وسيرورة الحياة، إلى أن ظهر ابن خلدون كشخصيّة علميّة وعقلانية فانتظمت الحركة مع عقارب الساعة لبداية تاريخٍ بشريٍّ جديد، وفي هذا المرور لا بدّ من الإشادة بحضور الممثّلين الذي قدّموا باجتهادٍ مشاهدهم، كالفنان كفاح الخوص حيث وقعت على كاهله قيادة المشاهد، وكذلك الفنانة آلاء عفاش وتميّزها في دور زرقاء اليمامة، والفنانين وائل معوّض -شخصيّة الزبّال، ولارا جمعة - شخصية المديرة، وكذلك إيمان عودة، ولميس عبّاس، أمّا اللوحات الراقصة فكانت رافداً تعبيريّاً دعم العرض، وحققت حضور جمالي لا بأس به، قدم هذه اللوحات: رباب عبد المهدي، عبادة تركماني، محمد ذو الفقار، ومحمد فؤاد محمد، غسان شخاشيرو، وسام معاني، ميرنا شحّود، أسامة حجازي، رولا محمد، سامة مسعود، وميرال طرابلسي.
اعتمد ديكور العرض على أدوات بسيطة، ولم تكن الإضاءة بمستوى يليق بالجهد الذي حمله النصّ والإخراج، والأداء التمثّيلي والرّاقص، كذلك أجهزة الصوت خدمتها لم تكن موفقة، فضجّت بالأغاني والموسيقى التي كانت صوفيّة النوع،  لتصبح عناصر حادّة أكثر من كونها ذات طواعية وخادمة للعرض بسبب الصدى حيناً والتشويش حيناً آخر.
ما تركه العرض كان الحضور غير المألوف في نشاط مديريّة المسّرح المدّرسي، وبنفس الوقت يستحق الدّراسة والإشادة لدلالاته المُلفتة، وإسقاطاته المناسبة لوقتنا الراهن، بل يرقى العرض لأن نراه مجدداً ليس ضمن احتفاليّة وكفى، فإعادة عرضه تليق بالجمهور والمهتمين بعالم المسرح.
العرض من إعداد وإخراج عدنان أزروني، الدّراماتورجيا ومساعد المخرج ريم شالاتي، ومصمم الرقصات والمشرف على التدريب محمد طرابلسي، وشارك في العرض المغنيتان نهلة موسى، وديمة زين الدّين.
استمر الاحتفال ليعرض فوتو مونتاج لما حققته الفكرة في العام الماضي 2019 ثمّ انتقالاً للعروض التي شاركت في الدّورة الثانية، والتي تُظهر جهوداً مبذولة على الرغم من كلّ المعوقات على أرض الواقع، بعدها تمّ توزيع الجوائز والتكريمات حيث شارك كلّ من وزيري التربية والثقافة لبانة في تقديمها، وكان من بين المكرّمين الفنان كفاح الخوص، والراقصة رولا طهماز، وداعمي العرض: ربيع القباطي، وخالد الشوالي، وموسى الغزالي، أمّا جائزة المركز الأوّل للمدربين غير المختصين فكانت لعرض "القبض على طريف الحادي" الذي قدّمه طلاب محافظة درعا، في حين حُجبت جائزة المركز الأوّل للمدربين المختصين، وجاءت جائزة المركز الثاني للمدربين المختصين لعرض "الرجل المُعلّب" لطلاب محافظة السويداء، أيضاً المركز الأوّل للطالبات الممثلات مناصفةً بين تسنيم حكيمة، وإلياء عوض، والمركز الأوّل للطلاب الممثلين مناصفةً بين سامي حاتم، والواتين عوض، وجاءت جائزة لجنة التحكيم الخاصّة للطفل علي داوود.


 

مواضيع ذات صلة