مذكرات مهاجر ١٦
بقلم الكاتب.. محمد فتيح
بقلم الكاتب.. محمد فتيح
لا تحزن يا عزيزي فكلنا .."بدون"
اقامت المجموعة الثقافية العربية الكندية ندوة للأديب ناصر الظفيري (اديب كويتي من ال "بدون") تخللها عرض الفيلم الوثائقي "الكويت الجانب الآخر" الذي يصور مأساة ال "بدون" في الكويت وتعدادهم الان حوالي ١٣٠ ألف مواطن يعيشون في عشش من الصفيح محرومين من التعليم والرعاية الصحية. وحين خرجوا في مظاهرات من اجل حقوقهم في الجنسية، تم ضربهم بالقنابل المسيلة للدموع واعتقال اعدادا كبيرة من المتظاهرين. فقدان الامل في المستقبل ادي الي انتشار ظاهرة انتحار المراهقين كان آخرها قيام شاب عمره ٢٧ عاما بحرق نفسه امام مركز امن منطقة النعيم في محافظة الجهراء في ٢١ سبتمبر ٢٠١٧.
كانت الندوة ثرية لأنها فتحت عيني على مأساة اخري من مآسي شرقنا التعيس حين تولد في وطن لا يعترف بك ولا تستطيع ان تحمل جنسيته رغم ميلادك انت واباك وجدك هناك في مخالفة واضحة لاتفاقية الامم المتحدة لحقوق الانسان التي تنص على انه "لكل انسان الحق في حمل جنسية ويحظر الحرمان التعسفي من الجنسية بسبب النوع او العرق او الدين او العقيدة السياسية”. وهناك الان أكثر من ١٢ مليون "بدون" في العالم معظمهم في شرقنا المتوسط التعيس كاللاجئين الصحراويين في الجزائر، والأقلية السوداء في موريتانيا والأقليات الدينية والعرقية في السودان.
الكلمة رنت في ودني ولما رجعت البيت سرحت وافتكرت أنى كنت عايش في مصر "بدون”، رغم الجنسية المصرية التي احملها فقد كان على ان أعيش بدون رأي أو هوية سياسية وأن اسمع كلام اولي الامر وانضم للقطيع حتى يرضي الوالي وعسسه عني ولكني رفضت لأني لا أستطيع التنازل عن حريتي لأنها تعني تنازلي عن آدميتي وكرامتي وان أعيش... "بدون".
وافتكرت ان في مصرنا المحروسة كثير من ال "بدون":
فالأقباط يعيشون "بدون" حقوقهم في المعتقد الديني، رغم حصولهم على الجنسية المصرية، فشيوخ السلفية الوهابية بل وبعض شيوخ الازهر الوسطي الجميل يشنون حملات مسعورة شبه يوميه من منابر المساجد والزوايا وشاشات التلفاز لتشويه عقيدتهم الدينية واتهامهم بالكفر ومنعهم من بناء كنائسهم، هذا بخلاف التمييز الواضح والصريح في وظائف الدولة خصوصاً في الوزارات السيادية كالجيش والشرطة والقضاء.
والبهائيين ليسوا أحسن حالا من اشقائهم الأقباط فقد كانوا غير قادرين على استخراج الوثائق الرسمية كشهادات الميلاد وبطاقات الرقم القومي حتى عام ٢٠٠٨ حين قضت المحكمة الإدارية العليا بأن البهائيين يمكنهم استخراج وثائق رسمية من "دون ذكر ديانتهم" عليها؟؟؟ وهو حرمان من ابسط حقوق المواطنة في أي دولة تحترم الدستور والقانون.
والشيعة في مصر أيضا من ال "بدون" فقد تم قتل اعدادا منهم على الهوية لانتمائهم للشيعة الرافضة وبمباركة من حكومة الاخوان المسلمين.
اما في عصر الجنرال عبده فقد دخلت مصر عصر ال "بدون" من أوسع ابوابه بمشروع تعديل لقانون الجنسية المصرية رقم ٢٦ لعام ١٩٧٥ والذي وافق عليه مجلس الوزراء يتيح "سحب الجنسية المصرية من ملايين المصرين الذين لا ترضي السلطة عنهم بدعوي "سعيهم الي المساس بالنظام العام للدولة، او تقويض النظام الاجتماعي او الاقتصادي او السياسي بالقوة او باي وسيلة من لوسائل الغير مشروعة". وهي مسوغات مطاطة ممكن ان تنطبق على أي مواطن يتظاهر حتى لو كان يشجع فريقا لكرة القدم.
ما آلمني أكثر هو رد فعل سيدة فلسطينية محجبة والتي اشارت انه لابد ان هناك أسبابا دعت امراء الكويت لاتخاذ هذا القرار؟؟؟؟ متضامنة بذلك مع الظالم ضد المظلوم في مفارقة واضحة لكون فلسطين كانت الحالة الأكبر لل "بدون" قبل أي يتفوق الطغاة العرب على إسرائيل في قتل وتهجير شعوبهم ليصبح الملايين منهم على صدارة ال "بدون" في العالم كله. المحزن أيضا ان هذه السيدة لم تتعلم شيئا من اقامتها في كندا حيث يحصل أي طفل يولد على ارضها على الجنسية الكندية تلقائيا، حتى لو كان ابويه غير كنديين. الفكر الفاشي عشش في عقولنا وقلوبنا فالشعب الفلسطيني، حين أتيح له الاختيار، اختار الفاشية السياسية في الضفة والفاشية الدينية في غزة.
عزيزي الاديب ناصر الظفيري؛ لا تحزن فقد تنازلت شعوبنا شيئا فشيئا عن حريتها وكرامتها في مقابل لقمة العيش الذليلة، فأصبحنا قطعانا ترعي فيما تفضل به حكامنا علينا من بقايا موائدهم العامرة حتى أصبحنا كلنا بدوووووووون.
كانت الندوة ثرية لأنها فتحت عيني على مأساة اخري من مآسي شرقنا التعيس حين تولد في وطن لا يعترف بك ولا تستطيع ان تحمل جنسيته رغم ميلادك انت واباك وجدك هناك في مخالفة واضحة لاتفاقية الامم المتحدة لحقوق الانسان التي تنص على انه "لكل انسان الحق في حمل جنسية ويحظر الحرمان التعسفي من الجنسية بسبب النوع او العرق او الدين او العقيدة السياسية”. وهناك الان أكثر من ١٢ مليون "بدون" في العالم معظمهم في شرقنا المتوسط التعيس كاللاجئين الصحراويين في الجزائر، والأقلية السوداء في موريتانيا والأقليات الدينية والعرقية في السودان.
الكلمة رنت في ودني ولما رجعت البيت سرحت وافتكرت أنى كنت عايش في مصر "بدون”، رغم الجنسية المصرية التي احملها فقد كان على ان أعيش بدون رأي أو هوية سياسية وأن اسمع كلام اولي الامر وانضم للقطيع حتى يرضي الوالي وعسسه عني ولكني رفضت لأني لا أستطيع التنازل عن حريتي لأنها تعني تنازلي عن آدميتي وكرامتي وان أعيش... "بدون".
وافتكرت ان في مصرنا المحروسة كثير من ال "بدون":
فالأقباط يعيشون "بدون" حقوقهم في المعتقد الديني، رغم حصولهم على الجنسية المصرية، فشيوخ السلفية الوهابية بل وبعض شيوخ الازهر الوسطي الجميل يشنون حملات مسعورة شبه يوميه من منابر المساجد والزوايا وشاشات التلفاز لتشويه عقيدتهم الدينية واتهامهم بالكفر ومنعهم من بناء كنائسهم، هذا بخلاف التمييز الواضح والصريح في وظائف الدولة خصوصاً في الوزارات السيادية كالجيش والشرطة والقضاء.
والبهائيين ليسوا أحسن حالا من اشقائهم الأقباط فقد كانوا غير قادرين على استخراج الوثائق الرسمية كشهادات الميلاد وبطاقات الرقم القومي حتى عام ٢٠٠٨ حين قضت المحكمة الإدارية العليا بأن البهائيين يمكنهم استخراج وثائق رسمية من "دون ذكر ديانتهم" عليها؟؟؟ وهو حرمان من ابسط حقوق المواطنة في أي دولة تحترم الدستور والقانون.
والشيعة في مصر أيضا من ال "بدون" فقد تم قتل اعدادا منهم على الهوية لانتمائهم للشيعة الرافضة وبمباركة من حكومة الاخوان المسلمين.
اما في عصر الجنرال عبده فقد دخلت مصر عصر ال "بدون" من أوسع ابوابه بمشروع تعديل لقانون الجنسية المصرية رقم ٢٦ لعام ١٩٧٥ والذي وافق عليه مجلس الوزراء يتيح "سحب الجنسية المصرية من ملايين المصرين الذين لا ترضي السلطة عنهم بدعوي "سعيهم الي المساس بالنظام العام للدولة، او تقويض النظام الاجتماعي او الاقتصادي او السياسي بالقوة او باي وسيلة من لوسائل الغير مشروعة". وهي مسوغات مطاطة ممكن ان تنطبق على أي مواطن يتظاهر حتى لو كان يشجع فريقا لكرة القدم.
ما آلمني أكثر هو رد فعل سيدة فلسطينية محجبة والتي اشارت انه لابد ان هناك أسبابا دعت امراء الكويت لاتخاذ هذا القرار؟؟؟؟ متضامنة بذلك مع الظالم ضد المظلوم في مفارقة واضحة لكون فلسطين كانت الحالة الأكبر لل "بدون" قبل أي يتفوق الطغاة العرب على إسرائيل في قتل وتهجير شعوبهم ليصبح الملايين منهم على صدارة ال "بدون" في العالم كله. المحزن أيضا ان هذه السيدة لم تتعلم شيئا من اقامتها في كندا حيث يحصل أي طفل يولد على ارضها على الجنسية الكندية تلقائيا، حتى لو كان ابويه غير كنديين. الفكر الفاشي عشش في عقولنا وقلوبنا فالشعب الفلسطيني، حين أتيح له الاختيار، اختار الفاشية السياسية في الضفة والفاشية الدينية في غزة.
عزيزي الاديب ناصر الظفيري؛ لا تحزن فقد تنازلت شعوبنا شيئا فشيئا عن حريتها وكرامتها في مقابل لقمة العيش الذليلة، فأصبحنا قطعانا ترعي فيما تفضل به حكامنا علينا من بقايا موائدهم العامرة حتى أصبحنا كلنا بدوووووووون.