عذراً أيها القادم القديم بقلم فاطمة خوجة
عذراً أيها القادم القديم بقلم فاطمة خوجة
بكل أسف منذ قدومي إلى كندا وجدت فئة ولو قليلة من المهاجرين القدامى يحملون بداخلهم كل العنصرية والنظرة الدونية للقادمين الجدد (اللاجئين ) وكأن كندا بيتهم ودخلت هذه الناس على غرفهم واقتحمت خصوصيتهم !!! أسئلة كثيرة تسأل بشكل مباشر أو غير مباشر أو على أقل تقدير تجول في خاطرهم ، تحمل في طياتها الكثير من المعاني والتفسيرات المخجلة بالفعل لإنسانيتنا :
هل أنت قادم من سوريا أم تركيا ؟ أم من دول الجوار أم من دول الخليج؟ ! فلكل مقام مقال بنظرهم ، فالقادم من سوريا يجب التعامل معه بحذر لربما أصبح شبحاً متنكراً بعدما عاش وذاق ويلات الحرب، أو يحمل عقداً نفسية جلبها معه وقد تؤثر على الآخرين عند الاحتكاك والاختلاط بهم، وإذا كنت قادماً من دول الجوار فلربما تكون جاهلاً أو كسولاً وستستغل عطاء وكرم الحكومة، ولا توفر أي حيلة أو مساعدة للإستفادة منها. أمّا عندما تكون قادماً من دول الخليج فلماذا إذاً أتيت إلى كندا ؟ بالمعنى العامي ( أنت واحد بطران ) أو ربما ترى في عيونهم كل الاحترام والتقدير والتأهيل، فأنت حتماً تحمل المال الوفير !!!!
إنه حقاً شيئ مخزٍ بالفعل وعار على إنسانيتنا وعروبتنا، وحتى ديننا في إغاثة الملهوف ونصرة المظلوم.
إن القادم الجديد أو الاجئ يا عزيزي المهاجر لم يأتِ إلا لنفس سبب قدومك أنت، بغض النظر عن التفاصيل والظروف المختلفة التي هي في نهاية المطاف تصب في طلب الأمان، وحلم بمستقبل أفضل لك ولعائلتك .
هذه العنصرية لم تكن حكراً فقط على الجالية السورية، بل حتى العربية، والمضحك أنه هو أيضا قدم لاجئاً عندما كان بلده في حالة حرب وعدم استقرار، ونسىيى أو تناسى هذا بمجرد حصوله على الجنسية الكندية !!
أتحسب نفسك أيها المهاجر القديم أنك أذكى من الحكومة الكندية في استقبال هذه الأعداد الكثيرة في السنوات الأخيرة التي كندا هي بأمس الحاجة لها ولبناء البلد ولإعادة التوزيع السكاني والبيوغرافي بكل شرائحه وأطيافه المنتجة، وحتى الغير منتجة التي تعمل فقط على الإنجاب، وأنت تقول هذا هو عمله فقط هنا ليحصل على قدر أكبر من رواتب الاطفال ، ولكن بنظر الحكومة العكس تماماً، فهو إستثمار ومكسب كبير لديهم أن يخلق كل يوم طفل كندي هو بنظرهم ليس سوري ولا عراقي ولا فلسطيني ولا لبناني إنما كندي .
إن كل لاجئ أتى كان بأمس الحاجة فقط أن يسمع ويرى في عيون الناس كل الحب والتقدير لا يريد منهم شيئاً سوى الإحساس به كإنسان عانى وذاق ويلات الحرب والتشرد قبل قدومه إلى هذا البلد العطوف، وإلا فكندا هي ثاني أكبر دولة مساحة بالعالم، إذهب وضع عنصريتك وعقدك في حقببتك واستقر بأي بقعة خالية لا يوجد فيها سوى الجبال والبحار، وتمتع بطبيعتها الخلابة وحدك بمعزل عن الناس وهذه الآفات الاجتماعية التي حلت عليك بنظرك.
وكل الاحترام والتقدير لأناس ساهمو ولو بكلمة طيبة ونصيحة قيمة أعطى من وقته وخبرته وأحيانا ماله في خدمة ومساعدة القادمين الجدد . وهناك أسماء مشرفة ومعروفة لدى غالبية الجالية السورية، ولكن بكل أسف تكاد تعد على أصابع اليد الواحدة، ترفع لهم القبعة بجهودهم وعطائهم وكرم أخلاقهم اللامحدود دون انتظار أي مقابل، أو رد جميل، أو استعراضات فقط لكسب الأجر والثواب، والإحساس بالإنسانية والمسؤولية تجاه إبن بلده .
ولنكن موضوعين ومنصفين،هنالك أيضاً نماذج من القادمين الجدد مخزية ومخجلة بالفعل، لا يتركون فرصة لممارسة الاستغلال والانتهاز، ومبادئهم فقط المصلحة الشخصية فوق أي اعتبار .
إن النماذج السيئة والمشرفة موجودة بكل مكان وزمان وبكل الجنسيات، ولكن علينا ألا نحكم ونعمم ونجلد ذاتنا ونعطي صورة سوداوية عن أنفسنا. كل إنسان يعبر عن بيئته وأخلاقه ونشأتِه لايمثل إلا نفسه ولا يمثل بلده وعرقه.