النار بالمرصاد من دمشق إلى هاليفاكس بقلم معتز أبوكلام
سبعة أطفال سوريون قضوا حرقاً في هاليفاكس الكندية واحترق معهم قلب والديهم ألماً وحزنا.. أقف خاشعاً عاجزاً حتى عن تخيل ما حصل أو كيف سيكون حال الوالدين أمام هذا المصاب الجلل.. وفي اليوم التالي عائلة سورية أخرى في مدينة فريدريكتون الكندية شبت نار في دارها وكادت تفتك بأفرادها الثمانية أيضاً.. هل نكتفي بالنحيب والعويل أمام هذه الكوارث المتتالية وتسليم الأمر للقضاء والقدر.. (شماعة أخطاء البشر على مر الزمان) وهل القدر قاتل أعمى لا يرحم قلب أم أو أب، أم أن تلك الكوارث الغادرة ناجمة عن انعدام تدابير السلامة والصيانة في بعض البيوت الكندية وخاصة البيوت التي تقطنها العائلات القادمة جديداً إلى كندا.. لا شك أن كندا تمتاز ببرامج الرعاية الإجتماعية والصحية وميزات أخرى لا مجال لذكرها الآن، لكن مشكلة القادم الجديد إليها أو إلى اوروبا أنه من فرط اشتياقه وتلهفه للعيش في بلد آمن خالٍ من المخاطر والهواجس وويلات الحروب.. يظن نفسه بأن قدماه حطت به على أرض المدينة الفاضلة وأنه قد أصبح في مآمن من كل خطر مداهم، حتى يظن بأن أخطار الحوادث الطارئة والطبيعة في هذه البلاد لها قبضة ناعمة لا تؤذي ولا تضر...
كلا يا سيدي.. الخطر يبقى خطر والحرص واجب في كل مكان وزمان.. فالنار التي ألتهمت أجساد سبعة أطفال بعمر الورود في مدينة دمشق منذ أقل من شهر والناس وقفت حينها حزينة تتفرج على الأب المفجوع وهو يصارع وحيداً ألم الكارثة وفوقها كان عليه أن يتحمل غباء وبلادة المزيع التي لا ترحم). إن ألسنة النار تلك هي نفس ألسنة النار التي ألتهمت أجساد أطفال العائلة السورية في هليفاكس.. والسؤال المهم الآن من المسؤول عن هذه الفاجعات الفظيعة!!! هل حصل ما حصل نتيجة أخطاء فردية؟؟ هل حصل ما حصل نتيجة تقصير صاحب العقار في إجراء الصيانة الدورية لأجهزة التدفئة والأجهزة الكهربائية الموجودة في البيت؟؟ أمام هذا المصاب الجلل، نطالب الجهات المعنية في الحكومة الكندي تقصي الحقائق وكشف المسببات والمسؤول عنها. كما نطالب بإلزام شركات الصيانة بتطبيق أعلى معايير السلامة في البيوت والمحلات وفرض غرامات وأحكام قضائية صارمة تجاه أي تقصير أو تهاون. ومن ناحية أخرى أرى من الواجب بمكان تذكير بعضنا البعض وخاصة القادمين الجدد الذين لم يعتادوا على سكن البيوت الخشبية إلى توخي الحذر الشديد حين استئجار أو شراء أي شقة أو بيت وخاصة القديم منها وذلك من خلال إجراء كشف دقيق على التمديدات والأجهزة الكهربائية والصحية وكل ما يتعلق بمصادر الطاقة، فرغم دفئ البيوت الخشبية والتي تتلائم مع المناخ في كندا وتعزل الصقيع الذي يحيط بها شتاءً ولكنها في حال اُهملت صيانتها تتحول تلك البيوت الدافئة إلى حمم من اللهب لا تبقي ولا تزر. ومن خلال هذه المقالة ادعو كل أب وأم الإنتباه ثم الإنتباه للأخطار الجسيمة التي ممكن ان يتعرضوا هم وأولادهم لها بسبب ممارسات خاطئة داخل البيت، اذكر أخطرها:
-تدخين السجائر والأراكيل داخل البيوت، وبرأيي هذه جريمة بحق العائلة أولا وبحق المجتمع ثانياً.
- ترك الأدوات الكهربائية شغالة أثناء النوم وخاصة النشافة والغسالة والجلاية وشواحن الموبايلات.
- قيام البعض بكتم صوت أجهزة انذار الحريق داخل البيوت لإنزعاجهم من أصواتها.
كل هذه مخاطر حقيقية وعادة ما تكون السبب الرئيسي لنشوب أي حريق قاتل بالإضافة طبعاً إلى سوء صيانة أجهزة التدفئة الداخلية. ومرة أخرى أقول الحذر واجب والمدينة الفاضلة ليس لها وجود لا في كندا ولا في سويسرا ولا في أي بلد آخر، فالإنسان المهمل موجود في كل مكان، والجهل موجود في كل مكان والإستهتار والصيانة والعمالة السيئة موجودة في كل مكان تماماً كما هو الموت موجود في كل مكان.
رحم الله تلك الأرواح البريئة أينما قضت نحبها وألهم ذويهم الصبر والعزيمة والإحتساب، ولن أحمل القدر ما حصل بل هو الإستهتار وتقصير البشر سواءاً كان بعلم أو بغير علم والله المستعان.