إعتذارات بالجملة ,, بين متعة الفيسبوك وقسوة الإحتيال " اسم مستعار يختبئ خلف وجه مستعار وجنس مستعار" ، ثم : قرار بالإنسحاب ,,, مروان صواف --------------------------------------------
بوضوح ، ودون تردد ، لايكاد المرء منا يوّدع اسماً غادر العالم الفيسبوكي الأزرق ، إلا ويتلقى انسحاباً جديداً من صديق حقيقي أو إفتراضي آثر الوداع هو الآخر مغادراً هذا العالم الساحر مقاوماً كل إدمان وقع تحت تأثيره أو كاد ,, وغالباً ماتكون صيغة الوداع واحدة " فليعذرني الإخوة والأصدقاء ، ماعدت قادراً – أو قادرة - على الإستمرار في الخداع والزيف ، وسأغلق حسابي بدءاً من الغد " ,, وقد قرأت بالفعل مؤخراً لأديبة تنشر نتاجها عبر الفيسبوك كلاماً بهذا المعنى " ياالله ، كيف تسنى لي أن أخضع لهذه الخديعة طوال هذه المدة ، أطلب السماح منكم وأنا أودعكم إن كنت قد ظلمت أحداً بدون قصد ، وأطلب الصفح من ذاتي وروحي لما أصابهما طوال هذه الفترة " ,, ومامن شك أن من يقرأ هذا البيان أو هذه الإستقالة المشاعرية " وبشكل يمتزج فيه العامل الذاتي بشفافيته مع العامل الموضوعي بصراحته يحار وهو يتساءل " لماذا وما السر في هذا كلّه " ، وكيف تسّنى لأداة تواصلية بهذه الأهمية أن تشكل عبئاً على مرتاديها ؟ ,, أليس الفيسبوك مجرد أداة حرّة وآسرة في آن ؟ ، وقد يبدو القرار لمن يقرأ الإعتذار عن الإستمرار " الإنسحاب " مفاجئاً آنياً ، إنما محال أن يأتي هكذا وبومضة أو بارقة ، لاشك أن ثمة تراكماً ما استدعي التوقف حقاً للبحث والتأمل في عيوب جعلت هذه الميزة الساحرة أمراً مزعجاً وربما مؤلماً للكثيرين ، وتحوّل مع الوقت الى معاناة جديرة بالحزن والأسى على ما آل اليه الحوار في بلدهم ومن ثم قرار الغياب ؟ ,, وللأمانة ربما يحاول المرء منا أن يضع يده على بعضها ::
- أولى هذه العيوب عيب أخلاقي مهني على حد سواء ، كأن تتعرض سيدة لحملة من السبّ والشتم تطال كرامتها الشخصية والأسرية وسمعتها الأخلاقية لمجرد خلاف رآه " من شتمها بأقذر الأوصاف عقائدياً ومبدئياً ، وهذه حالة نحياها منذ مايقارب السنوات التسع على المستويين المحلي والعربي بل وفي بلاد الإغتراب أيضاً ، بحيث تنتاب البعض حمى النيل ذكورياً من أنثى على قدر من الإقتدار والمهنية كبير تقع في الطرف النقيض تصنيفا وحراكاً سياسياً ؟ ، فلا تجد السيدة أو الفتاة أمامها الآ الإنسحاب من العالم الإفتراضي وهي تواجه خطاباً يمس كينونتها كأنثى عبر حسابها على الفيسبوك ، خطاباً يطال كلّ شيء إلا رأيها ومعتقدها وهما المنطلق كما يفترض ..
- الظاهرة الثانية - وهي امتداد للأولى – يمكن وصفها ب " افتقاد الأمان والوضوح في هوية من يخاطبك عبر الفيسبوك في أحيان كثيرة ، " اسم مستعار يختبئ خلف وجه مستعار بل وجنس مستعار أحياناً " شاب يختفي وراء اسم فتاة أو العكس " ، وحالة قابلة للإستنساخ عبر أكثر من حساب وموقع ، وأنت تتساءل وبقدر من الوضوح والإحترام كبير " رجاءً - من معي تحديداُ " وغالباً مايقفز الإسم من خلف السور ودون أن يكون في قائمة أصدقائك وأحياناً من ضمن القائمة ، وقد يلتمس المرء العذر وبتأثير من التكوين المجتمعي والأسري وفي كثير من الحالات ل " سيدة الغروب أو شمس النهار أو نور النور " وهي ألقاب مستعارة تشرّفك بخطاب أدبي فني راق أو بحوار ذي قيمة يمس برنامجاً من برامجك أو يطل كتعقيب على خاطرة كتبتَها ، ولكن مامعنى أن يختبئ صاحب حساب تحت اسم " أبو النار أو فارس الصحراء أو أبو العناتر" مثلاً ؟ .. اليس من بدهيات الحوار والمشاركة أن نعلن بوضوح عن هوياتنا " وهذا أمر واقع في معظم الأحيان ,, هل يرضى من شرّفك على صفحتك بحضوره ولو مروراً أن تخاطبه أنت باسم " أبو نظّارة مثلاً " أو أي لقب آخر ؟
- مسألة ثالثة وهي الأخطر كما أراها وتأتي امتداداً لموقفنا من آراء ومعتقدات بعضنا البعض كما تتبدى عبر الفيسبوك " وهي تسفيه وشيطنة فترة تاريخية ما وقناعة تمثل إرثاً تاريخياً معرفياً أو سياسياً أو نضالياً وبدون أدنى دراية غالباً ، أو ربما التطاول على رمز تاريخي يحيا بيننا قي أمان وفي مرحلة عمرية متقدمة ، وسأسمح لنفسي هنا بالتوقف عند أكثر من مثال عشته مؤخراً وعلى صفحات هذا العالم الإفتراضي الجميل بحق " الفيسبوك " ، مثلاً ، استوقفتي مؤخراً حدث يتصل باسم المجاهدة الجزائرية القديرة جميلة بوحريد " وهي بالنسبة لجيلي وعياً وفكراً ومنذ الطفولة أمثولة بكل ماتعنيه من كلمة وبكل مايتصل بالإسم من وقائع سنوات الجمر والنار إبان الثورة الجزائرية الكبرى والتي توّجت بالنصر عام اثنين وستين وتسعمائة وألف من القرن الماضي باتفاقية إيفيان الشهيرة ، كنت أروي –
وعلى صفحتي - ذكرى حوار هاتفي برامجي تشرّفت يإجرائه منذ عقود قريبة مع السيدة القديرة " حالة من التداعي الوجداني للطفل الذي كنته " ومن ثم التواصل المهني في عمر الشباب الذي شرّفني وأنا أعد لتنفيذ حلقة برامجية لم يكتب لها الظهور ، وإذ بي أفاجأ بشابة سورية تعيش في لندن " ولن أذكر اسمها " تبرز فجأة وتشتم ومنذ أيام وعلى صفحتي السيدة المناضلة بمعنى " من هذه التي تتباكون عليها وعلى إرثها " وكأننا نتحدث عن أحد هواة وممارسي السياسة العاثرة أو أحد ممارسي مهنة الطرب متواضع بإمكانياته وأخلاقه ايضاً ونتباكى على إرثه ؟؟ هكذا وبكل بساطة ودون مبالغة " والأمثلة كثيرة بهذا الشأن لأناس لا يعرفون من صاحب هذا الإسم أو ذاك الرمز نضالياً حق المعرفة ، طبعاً لن أشير لما انتهى اليه الموقف الذي أراه صارخاً باستمرار ويشابه ربما - وفي مثال آخر- الحديث وبإصرارمثلاً عن تدهور الثقافة والفنون في فترة أو حقبة الستينيات وهذا – بكل أمانة وبساطة – غير صحيح بالمطلق ، فقد شهدت تلك الفترة أزهى ماعاشته حركة التأليف والنشر والإبداع الفني في كل من مصر ولبنان تحديداً " وكان جيلنا – وعياً وتفاعلاً – شاهداً أميناً على هذا بغض النظر عن أي اعتبار ,, ومعذرة ،، الواحد منا هنا لايتحدث عن هذا الموقف أو ذاك ، ولكنه يورد شهادة موضوعية ما أمكن " وعندما يطال المرء بأحكامه فترة ما " فعليه أن يكون مطلّعاً ودقيقاً قدر المستطاع وأن لايرمي الأحكام هكذا وهو لايعلم شيئاً ، ثم ، لوشاء بعد هذا أن يصدر أحكامه البحثية على فترة ما سياسياً فله ذلك وفق رؤاه ، ولكن سؤالنا هنا ، ألسنا وفي حضرة الفيسبوك أمام فرصة معرفية اجتماعية تواصلية نادرة تتيح لنا الإرتقاء باحكامنا ما استطعنا ؟
- المسألة الرابعة التي أود التوقف عندها ونحن نحاول أن نتقصى أسباب انسحاب البعض – وهم كثر – من عالم الفيسبوك وإعلانهم إغلاق حساباتهم , هي ما تم التعارف عليه بالمشاركة أو " ال share " ؟,, فكوني أشارك مادة ما فهذا لايعني أنها أصبحت ملكي أفعل بها ما أشاء كأن أضعها على محرك غوغل الذي يعبث " آلياً " بلغتها العربية فتصبح اقرب لنتاج روبوت تقطعت أوصاله وتوصيلاته وضعفت بطارية التشغيل فيه وأصبح آلة حديدية صمّاء لاقيمة عملية أوعلمية لها ، وعندما يسأل صاحب المادة بكل أدب ما هذا الذي أراه ، ماذا فعلت بمادتي أيها العزيز وكيف تتركها بعد هذا العبث المزري وتدير ظهرك وتمضي دون أن تزيل الخطأ على صفحتك والصفحة العامة ؟ يأتيك الجواب إن مكانتك عندي كبيرة وقد أعجبتني مادتك فأخذتها وها أنا ذا أزيلها فوراً ,, ثم تكتشف أنه لم يزلها وإنما حجبها عن ناظرك بدعوى عدّادات الخصوصية ؟ ,, أعتقد أن معظمنا مرّ بتجربة من هذا النوع جعلته يرجو الصديق العزيز قائلاً " كونك شاركت المادة دون استئذان ليست مشكلة وكونك لم تشر أثناء نشرها لصاحبها أيضاً ليست مشكلة أما أن تدعها مشوّهة بهذه الطريقة وتمضي غير آبه ثم تبقي عليها مفككة ركيكة بهذا الشكل المزري فهذا كثير كثير بصدق ؟ ,,
- الأمثلة ما أكثرها ، ومنها أن ننسب وعبر الفيسبوك أقوالاً لشخص أو رمز أدبي أو علمي أو فني لم يقلها ودون دراية وتدقيق ولا وعي بأن هذا القول ليس للأديب الراحل توفيق الحكيم مثلاً فهو ليس اسلوبه ولا مجاله ، وهذه الجملة ليست لإبن الجمالية البار الراحل الأستاذ نجيب محفوظ فهذا ليس عالمه ، وتلك السيرة العائلية وردت بالخطأ باسم الشهيد مصطفى العقاد وهي لعائلة أخرى " وهذا أحدث ماقرأته على صفحات الفيسبوك بالفعل مؤخراً " ثم أن يتحول الفيسبوك الى صفحات عن الزيجة والطلاق والولادة والوفاة والإعلان عن حدث أسروي عادي جداً " كنيل أحد أفراد الأسرة الشهادة الإعدادية مثلاً " ،، الأمثلة في تحويل الفيسبوك الى أداة خدمية كثيرة للأمانة ولهذه المسألة أنصار لاشك ، وأسباب انسحاب البعض من هذا العالم الساحر " الفيسبوك " عديدة بدورها وأكثر شمولاً مما ذكرنا ,,
ولكنّ وجداني وأخلاقي عند تلك السيدة الأديبة التي أخذ خصمها السياسي يشتمها بأعز ماتملك وهو كرامتها وأسرتها وكينونتها كأنثى فآثرت وداع عالم الفيسبوك كله حزينة جداً وغير آسفة ، وعقلي عند ذلك الشاب الجامعي مارك زوكربيرغ الذي أهدى الملايين موقعاً للتواصل الإجتماعي في البدء يوم بدأت الفكرة بإرسال الصور والوثائق بين أفراد وفريق من الأصدقاء قبل أن يعم الموقع العالم عبر الأنترنيت عام 2004 ويصبح وسيلة للتعارف وتكوين علاقات جديدة ويخضع لاستخدامات الترويج والتسويق للشركات ومنتجاتها كمثال دون أن تتبادر لذهنه ربما الأبعاد الإجتماعية والسياسية الملفتة والبدهية بحق لهذا الوافد الجديد الى حياتنا " الفيسبوك – كتاب وجه – إن صحت التسمية بلغتنا وهي أبعاد لايمكن إجمالها أو " حصرها " بتعابير محددة من نوع " أعجبني وأحببته أو أحزنني أو أثار دهشتي وفق العلامات والرسوم المألوفة والمستخدمة ؟
,, مروان صواف,,, لمجلة أيام كندية،، سان لوران – مونتريال – كندا , فجر العشرين من أغسطس " آب " عام 2019