نفسيات مريضة في كندا بقلم معتز أبو كلام

نفسيات مريضة في كندا..!!!

من المؤسف ومن خلال التعامل المباشر مع بعض أفراد الجالية العربية على إختلاف جنسياتهم تجد البعض ممن أصابوا قسطا من النجاح في كندا قد أصابهم بالمقابل قسطا كبيراً من الغرور وقلة اللباقة والذوق الإجتماعي. واسمحوا لي أن أوجه رسالتي هذه لمن يتلمس هذه المشكلة عنده أو ربما لا يتلمسها ويدعي عكس ذلك لأقول، حري بكم أيها الأخوة وأنتم ترتقوا ماديا في هذه البلاد المحترمة التي سخرت للمقيمين فيها كل السبل لحياة رغيدة وعيش كريم، حري بكم أيضا أن ترتقوا بأسلوبكم وتهذبوا نفوسكم وتنقوا قلوبكم من الكبر ورفع الأنوف وتقطيب الوجوه وغلظة الطبع.

حري بكم أن تقتبسوا السلوكيات الحسنة من بعض الجاليات الأخرى ( التي تفوقكم غنى وذكاء وخبرة بأشواط كثيرة) تعلموا منهم كيف يكون التعامل والإحترام وحسن الإستقبال. الإنسان الذي لا يزيد أسلوبه ولباقته الإجتماعية طردا مع إرتفاع رصيده البنكي هو إنسان فارغ من الداخل لا جوهر له، وقيمته لا تساوي أكثر مما يملك في رصيده البنكي.

بينما الإنسان الذي إذا ما زاد غناه المادي زاد بالمقابل تواضعه وبشاشة وجهه وحسن استقباله، هو إنسان رفيع بمعنى الكلمة وقيمته الإجتماعية والأخلاقية بين الناس لا تقدر بثمن. كم من الأشخاص إذا ما اتصلت بهم أو كنت في زيارتهم تجد على ألسنتهم عبارة ( مشغول ومالي فاضي ووقتي ضيق) ومن خلال التدقيق تجد غالبية من يستخدم هذه العبارة هم أشخاص تافهين، فارغين ومعظمهم يدعي الحرفية رغم إفتقارهم الواضح لها وإذا ما دققت في أعمال أوكلتها إليهم تجد فيها الأخطاء والهفوات فتصيبك الصدمة والحيرة وتقول في نفسك كيف أثق بهؤلاء وهم لا يتقنون أعمال أوكلت إليهم، اذكر نفسي وإياكم..

(إن الله يحب أحدكم إن عمل عملا أن يتقنه..)

فما قصتكم!! مقصرون، وفوق ذلك مغرورون!! والأدهى من ذلك هناك فئة من سماسرة العقارات من شدة جشعها وفجعها أصابها (حَوَل) في فهم مسلمات العمل فالبعض لا يكتفي بأخذ عمولته من البائع بل يسطو أيضا على الشاري فيشترط عليه دون أدنى خجل دفع العمولة أيضاً مستغلا بذلك أن الشاري حديث عهد في البلد ولا يعرف تفاصيل البيع والشراء. ( فعلا شيئ معيب!!!!!).

وعن غالبية مكاتب اللجوء والهجرة حدث ولا حرج، أولئك الذين ملؤوا جيوبهم وأرصدتهم وأغتنوا على حساب مئات العائلات العربية والسورية على وجه الخصوص، فتاجروا بأحلام الناس وآمالهم ولم يؤدوا واجبهم بل تهاونوا واستهتروا بملفات تلك العائلات المضطرة التي لم تجني بعد طول انتظار وتحمل لعنجهية أصحاب تلك المكاتب إلا الوهم وخيبات الأمل وفوقها خسارة المال والمستقبل الذي لا يعوض بثمن.

وليأذن لي القارئ أن أعود بالذاكرة إلى مركز فخر الشام للعلوم واللغات الذي أسسته في دمشق منذ 25 عام خلت، وما تزال المسيرة التعليمية مستمرة فيه بفضل الله إلى الآن. تعداد العاملين فيه أكثر من خمسين موظف، مدرسين ومدرسات وإداريين، ولا أذكر يوما تعالينا على أحد، ناهيك عن الإتيكيت الرفيع الذي كنا وما زلنا نتعامل فيه مع رواد المركز وأولياء الأمور عموما. كان المركز يحفل بألاف الطلاب، كان جامعة صغيرة لأسرة تعليمية كبيرة. لم يكن هناك حواجز ولا نفوس مريضة متعجرفة أبداً.

عودة إلى الأخوة في كندا بل الأخوة في كل مكان، ممن يعانوا من نفوس نرجسية مريضة ( سواء كان الواحد منهم يدري أو لا يدري فالكثير من الفيروسات والبكتيريا يحملها الإنسان ويتعايش معها ولا يدري بها، أنصح نفسي وإياكم أن تتذكروا وأنتم في شركاتكم ومكاتبكم ومطاعمكم ومدارسكم وأينما كان عملكم، أن تتذكروا رئيس وزراء هذه البلاد الشاب، الكبير بتواضعه ونبله وطيب معدنه، تذكروا جيداً جوستن ترودو، هذا ( الجنتلمان الرائع) الذي لم يمنعه منصبه وهو يحكم بلد بحجم كندا، ثاني أكبر بلد في العالم، والبلد الأول في احترام حقوق الإنسان، واقتصاد بلاده من أغنى إقتصاديات العالم، لم يمنعه كل ذلك من أن يكون ملك التواضع والإنسانية والخلق الرفيع بلا منازع. لا أقول هذا الكلام تملقاً ولا تزلفاً فلست مضطراً لذلك. خاصةً ونحن في بلد المدح والقدح للحاكم فيه سواء ولكن هذه حقيقة لا ينكرها أحد.

فأين أنتم من هذا الخلق السامي الرفيع الأكابر المتواضع.

شتان، شتان بين من يسمو بتواضعه وطيبة سريرته ورفعة أخلاقه، وبين من يظن بأن تكبره على الناس يرفع من قدره ويزيد من قيمته. فلنتواضع أكثر، لنرتقي أكثر..

بقلم رئيس التحرير

معتز أبوكلام

١٠/١٢/٢٠١٧

ميسيساغا-تورونتو-كندا

مواضيع ذات صلة