عثمان حناوي يروي أسرار مطربة الجيل

عثمان حناوي يروي أسرار مطربة الجيل
دمشق – عامر فؤاد عامر

رحلة سوريّة بامتياز، اكتنفت المشقّة والسعادة فأثمرت سيرةً صاخبة، تلفت انتباه كلّ من يصغي للنغم الأصيل، ومن حلب كانت الحكاية إلى دمشق فالقاهرة، ثم عودة جديدة لدمشق ومنها للوطن العربي بل للعالم، وعلى الخريطة تَسْهُلُ الرحلة لمن يقرأْ، لكن ميدان التجربة يكتنفُ تفاصيل غنيّة لا يمكن للمتلقي والمُهتم إلا الوقوف مندهشاً، فمن الحكاية الأم وما حدث بعدها تُنسج حكاياتٌ تكاد لا تنتهي، وعلى الرغم من ذلك يبقى شغفُ معرفتها هاجساً لدى الجمهور، هكذا هو حال سيرة السيّدة ميادة الحناوي التي تشغل كلّ جيلٍ بمسيرةٍ تحفلُ بالأحداث الكثيرة، والتي لا تدلُ سوى على مكانةٍ مرموقةٍ لن يطالها النسيان، فهي قامةٌ من قامات عصر الغناء الذّهبي.
يوثّق شقيق السيّدة ميادة في محاولةٍ متجدّدةٍ منه حول هذه الرّحلة الفريدة، فقد كان رفيق الدّرب والشريك لأخته في الهموم والأفراح سواء، وهذه المرّة كان للمركز الثقافي في كفر سوسة في دمشق شرف استضافته ليروي مباشر للجمهور ذكرياتٍ ومحطّاتٍ ومعلومات عن مسيرة مطربة الجيل، من خلال الصورة والصوت وشهادات ملحنين كبار، عبر محاورةٍ أدارها الفنان إيهاب مرادني، فكان مروراً لسنواتٍ عظيمة حملت جنين المفاجأة لتبرز لنا ولادة مطربة من مطربات الزمن الجميل.
تحدّث الباحث الموسيقي في الندوة عن مراحل ارتقاء مطربة الجيل لسلم الغناء، منذ طفولتها، وحتى احترافها، وشهرتها التي ذاع صيتها في كلّ المسارح، وهنا لا بدّ أن يُعرّج الحديث على كبار الملحنين من رياض السنباطي، ومحمد الموجي، وبليغ حمدي، ومحمد سلطان، وسيد مكاوي، وحلمي بكر، وصفوان بهلوان، وفاروق سلامة، وعمار الشريعي وغيرهم، وكذلك كتّاب الأغنية مثل أحمد رامي وحسين السيّد، وعمر بطيشة، ومحمد مهدي الجواهري، وسيد مرسي، ومرسي عزيز، وغيرهم، وبهذا المرور كانت تتوالى القصص والذّكريات التي شارك الحديث فيها الموسيقار أمين خياط، وعازف الكمان عدنان الحايك، لتكون ندوة تذهب بكلّ لحظة في حنايا الذاكرة المليئة بالشهادة، والمواقف، والقيم.
وقد أضاف الباحث حناوي شرحه عن مرحلة اللقاء بالموسيقار محمد عبد الوهاب وتدرّب مطربة الجيل على يدّيه في حين كان للموسيقار بليغ حمدي مساحته الأكبر وعن السنوات التي قضاها في دمشق، كما حملت الندوة عناوين عريضة، فميادة حناوي هي المطربة الوحيدة التي بدأت من القمّة كما شهدت لها أقلام الصحافة العربيّة في ذلك، وهي المطربة الوحيدة التي جاء إليها كبار الملحنين وكتّاب الأغنية من مصر إلى دمشق لتغني لهم، كما أضاف الموسيقار أمين خياط بأنها من المطربات اللواتي يزددن صوتهن قوةً وجوهرة كلما غنوا أكثر، وهذه صفة قلما نجدها لدى المطربات.
وقد حاول عثمان حناوي أن يضغط السيرة في أقل عدد ساعاتٍ مكن إلا أن الحديث أفاض بأكثر من الوقت المحدّد ليبقى الناس على إصغائهم واستمتاعهم بكلّ ما قدّم من نوادر التسجيلات ومن البروفات أثناء تحضير الأغنيات قبل إطلاقها، ومنها ما كان بصوت الملحنين أنفسِهم كما أغنية "في يوم وليلة" التي كان من المفروض أن تكون الأغنية الأولى للسيّدة ميادة حناوي وغيرها. وفي النهاية انتهى انتزاع بتلات الوردة التي شرع عثمان في استعراضها ووصفها، على أمل أن يكون هناك المزيد في ندواتٍ قادمة، فمثل هذا التاريخ لا بدّ للأجيال أن تتلقاه، وتستمع إليه من جديد كي تدرك أهميّة ذاك الزمن الذي صنع الأغنية الخالدة والسِّير التي لا تموت.


 

مواضيع ذات صلة