أنت و الذكاء الاصطناعي بقلم محمود الجسري

أنت و الذكاء الاصطناعي

بقلم محمود الجسري

كيف تبدأ (ي) - كشخص عادي و غير تقني - بتوظيف الذكاء الاصطناعي و الاستفادة منه؟ و لماذا يجب فعل ذلك بسرعة؟ سأجيب أولا عن الشطر الثاني من السؤال لأنه الأهم. في بدايات ظهور التلفاز ، كان بعض العجائز يظنون أن الناس التي تظهر على الشاشة يمكنهم رؤيتنا كما نراهم. كانت الفكرة مثيرة للضحك و كان الشباب الصغار يهزأون منهم - كانت من الممكن أن تكون فكرة استشرافية مستقبلية عن محادثة الفيديو المباشر المنتشرة الأن – و لكنها في ذلك الوقت كانت مؤشر على جهل أولئك العجائز بالتقنية و عدم ثقتهم و معرفتهم بها. تخيل نفسك تعيش في بدايات عصر سابق حصل به اختراع جديد أو ألة جديدة (سيارة مثلا أو جهاز الكمبيوتر في بداياته أو حتى بعض الأجهزة البسيطة التي نستخدمها في حياتنا اليومية) و بدأ العالم كله في التفاعل مع هذه الأجهزة و لكنك لم تتابعها أو تتفاعل معها فماذا سيحصل عند مواجهتك لهذه التقنية؟. مع تسارع التقنية الذي لم يسبق في التاريخ البشري المكتوب و بعد فترة بسيطة ستجد نفسك متأخرا في استيعاب ما يحصل و سيكون التأقلم أصعب و قطعا ستخسر الكثير من المزايا و الاستفادة منها خاصة إن كانت غير مكلفة بشكل كبير (كتكلفة شراء حاسب قبل عشرين سنة مثلا). أما إذا كان عندك أطفال و مراهقين فالموضوع يزداد أهمية فهم بحاجة أكبر للتعامل مع الذكاء الاصطناعي و التفاعل معه لأنه سيكون جزءاً كبيرا من مستقبلهم. للإجابة عن كيفية التفاعل مع الذكاء الاصطناعي فالبداية المقترحة هي أن تقتني إحدى السماعات الذكية المتوفرة في الأسواق و (غوغل هوم – أمازون ايكو – أبل) و يتصدرها – من وجهة نظري - غوغل هوم. هذه السماعات الذكية أو المساعدات الشخصية التي يتراوح سعرها من 60 الى 70 دولار تعمل على التقاط أوامر محددة وإرسالها لمركز الذكاء الاصطناعي الخاص بكل شركة الذي يحلل الأوامر و ترسل الردود في أجزاء من الثانية لملايين من البشر. بدأت هذه المساعدات الشخصية بعدة أوامر تفاعلية بسيطة ثم تجاوز حاليا عدد الأوامر بتقديري ال 200 أمر و من الملاحظ أن هناك مئات الجهات و الشركات التي تعمل على تطوير تطبيقات إضافية بحيث أتوقع وصول الأوامر و التطبيقات لعشرات الآلاف خلال سنوات قليلة كما هي تطبيقات أجهزة الهواتف الذكية الحالية. أخيرا ماذا يمكن لهذه الأجهزة أن تفعل؟ و ما هي تلك الأوامر التي يمكن إصدارها لها؟ في ما يلي بعضها حيث لا يتسع المجال لسردها كلها هنا: - تحديد موعد للتذكير سواء موعد عمل أو تناول دواء أو منبه عام ، الاتصال (بها هاتف منفصل عن هاتفك VOIP) ، البحث الصوتي المباشر عن أي معلومة ، تشغيل موسيقى ، الترجمة من و إلى عدة لغات ، التحكم بتشغيل التلفاز أو الإضاءة أو الأجهزة الكهربائية (يلزمها إضافات لذلك) ، أسعار العملات و الأسهم و معرفة التوقيت لكل دولة ، مسابقات تعليمية للكبار و الصغار ، طلب أخر الأخبار و معلومات الطقس ، تشغيل محطات الراديو المحلية ، طلب معرفة ساعات العمل لأي محل أو الاتصال بأقرب مطعم ، معرفة مدى ازدحام الطريق ، معرفة أين هاتفك و الاتصال به ، استخدامه كألة حاسبة صوتية ، فتح الباب أو إقفاله (تحتاج أجهزة إضافية) و غيرها الكثير مما يستحق تجربته و متابعته. التعامل مع هذه الأجهزة منذ وقت مبكر سيبني منطق معين عند الأصغر سنا و لن يجدها شيئا مستغربا عندما تنتشر بشكل كبير في المستقبل القريب حيث أنها ستتصل بكل شيء حولنا و لن يكون هناك أي مفر من التعامل معها في ذلك الوقت و لكن التعامل سيكون إما بخوف و تردد و جهل و إما بثقة و معرفة و علم.

مواضيع ذات صلة