إغتراب بقلم الأديبة أمينة الزغبي

إغتراب بقلم الأديبة أمينة الزغبي من الصعب علي الإنسان ان يعيش حياته كلها تحت ضغط نفسي .. يتظاهر بأشياء عكس ما بداخله .. فقط لكي يرضي من حوله .. هكذا كان حال داليا مع أولادها ، بل واهلها أيضاً ! عاشت داليا حياتها مابين البيت والأولاد من ناحية ، والعمل بالتدريس من ناحية اخرى.. يومها روتيني .. يسير بنفس الطريقة يوميا .. استيقاظ مبكر ..تجهيز سندوتشات الأولاد للمدرسة ..خروج الجميع من المنزل .. توصيل الكبار لمدرستهم .. اما الصغير فهو معها في نفس المدرسة التي تعمل بها .. بعد إنتهاء اليوم الدراسي .. يرجع الأولاد الكبار الي المنزل.. تذهب داليا والصغير الي الماركت لتشتري احتياجاتهم اليومية .. تخرج من الماركت تحمل في كل إصبع كيس ! تترك إصبع واحد صغير ليمسك به الصغير ! ترجع للمنزل منهكة ، تتجهه إلي المطبخ ، تضع ماتحمله من اكياس .. تجري مسرعه لغرفة الأولاد.. تطمئن عليهم وهي تساعد الصغير في تغيير ملابسه .. تدخل حجرتها .. تغير ملابسها .. تتجه مسرعة إلي المطبخ .. تبدأ في تجهيز الطعام.. تنادي بصوت عال : كل واحد يغسل يديه .. يعمل الواجب . يمر الوقت مابين المطبخ والأولاد .. تتذكر أن صلاة العصر قد قربت ولم تصلي الظهر تتجه مسرعة إلي الحمام .. تتوضأ .. تصلي في غرفتها .. تشم راحة شياط .. تجري الي المطبخ .. تكتشف ان الأرز قد شاط .. تطفيء موقد الغاز.. تحوقل مستاءة : لا حول ولا قوة الا بالله ! تجهز الغداء علي طاولة الطعام.. تحاول أن تشجع الأولاد علي أكل الأرز .. تقول : هو شاط لكن طعمه لذيذ ! ها.. مارأيكم في الطعام ؟ الأولاد : لا تعليق !! بعد الإنتهاء من الطعام .. يأخذ الاولاد ساعتين راحة للعب وممارسة الهوايات .. تتجه فيهما داليا الي غسيل الصحون .. ترتيب المطبخ ..عمل دورة غسيل لملابس الأولاد .. تتصل بوالدتها .. تطمئن عليها وعلي الجميع . فالزوج ... يعمل ببلد عربي .. لا يأتي اليهم إلا شهر واحد فقط كل عام ! تنتهي المكالمة ، تخرج داليا الغسيل من الغسالة .. تدخل المطبخ .. تدلل نفسها بامج نس كافيه .. قطعة من كيك شيكولاته .. كانت قد أعدتها يوم الإجازة الإسبوعية .. جلست في اللافنج مع الأولاد .. كبيرهم .. في الصف الثالث الإعدادي ..يجلس أمام الكمبيوتر .. معشوقه الأول والأخير .. الثاني .. لا انها الثانية .. فهي بنوته جميلة .. في الصف الأول الإعدادي ..تعزف علي البيانو الصغير ومعها عروستها المفضلة .. الثالث في الصف الرابع الإبتدائي .. يمارس هوايته في فك اللعب وتجميعها في لعبه اخري من نسج خياله .. أو تشكيل الصلصال في أشكال جميلة .. متقنة .. بالرغم من صغر سنه! أما الرابع صغير الأسرة .. في الصف الأول الإبتدائي .. يجلس بين اللعب الصغيرة يلعب بها .. بات مان.. سوبر مان.. وغيرها . تنتهي فترة الراحة واللعب للأولاد يخرج كل واحد من الأولاد .. من غرفته حاملا حقيبته المدرسية .. يجلس الجميع حول منضدة الطعام .. تجلس داليا علي رأس المنضدة .. هذه المرة ليست لتناول الطعام .. بل لمراجة دروس اليوم .. تحضير دروس الغد أيضا.. هذا هو النظام اليومي المتبع .. ينتهي وقت المراجعة . يذهب الأولاد لوضع حقائبهم في اماكنها ... تذهب هي لتجهيز سندوتشات العشاء .. أكواب اللبن .. يجلس الجميع لتناول العشاء أمام التليفزيون .. قبل أن ينتهي الصغير من كوب اللبن .. يغمض عينيه .. تلحق داليا الكوب من يده قبل أن يسقط .. تحمل الصغير الي سريره .. ترجع مسرعة قبل أن ينتهي المسلسل .. تأمر أولادها وهي تتثاءب قائلة : ينتهي المسلسل ..نغسل أسناننا .. كل واحد علي سريره .. مع قدوم التاسعة مساء .. بإنتهاء المسلسل .. يسود المكان السكون إلا من صوت التليفزيون .. توجه داليا الريموت إلي التليفزيون .. أنها القناة الأولي .. تشاهد عناوين الأخبار.. تتنهد .. تغلقه ملوحة بيدها متمتمة : حرب وضرب.. موت ودمار.. لا جديد ! تطفيء الأنوار .. تذهب إلي حجرة نومها .. تضيء المصباح .. تختار ملابسها لليوم التالي .. تجلس علي حافة السرير .. تمسك بأجندة وقلم من علي الكومود .. تنظر إلي السقف هامسة : ماذا سنحتاج غدا ؟ تكتب.. تضع الورقة في حقيبة يدها .. تطفيء المصباح.. تتثاءب .. تضع رأسها فوق الوسادة .. تلقي بذراعيها فوق الوسادة الخالية بجوارها.. تحتضن كفها الآيمن .. بكفها الآيسر ! تتمتم بعض الآيات.. ترسل تنهيده تملأ الأرجاء.. تغمض عينيها .. تغط في نوم عميق حينما تقنعها رغباتها المكبوتة بأن اليد التي تحتضن يدها ليست لها لكنها للحبيب الغائب. أمينة الزغبي

مواضيع ذات صلة