مهاجر عربي ينال وسام الإستحقاق الملكي في كندا

ضمن زاوية "قصص نجاح ملهمة" والتي خصصها موقع ومجلة أيام كندية لتسليط الضوء على قصص ملهمة في بلاد المهجر، يسعدنا أن نستضيف الدكتور جمال الشريف، ونود لو نستهل اللقاء بتعريف القراء الأعزاء عن ضيفنا الكريم. ثم نسأل متى حط بكم الرحال في كندا وما مدى اندماجكم حينها في المجتمع الجديد؟

في البداية أشكر هذه المنصة الموقرة مجلة وموقع أيام كندية لإتاحة الفرصة لي للتحدث عن خبرتي المتواضعة. وصلت كندا كمهاجر في 2009 أي منذ 10 سنوات وأسمي الكامل محمد جمال فهد الشريف فلسطيني أردني كندي، عشت في عدد كبير من الدول ومنها ليبيا والأردن وروسيا واكرانيا والصين وكندا، وكل من هذه الدول وهذه الثقافات ترك الأثر الكبير في نفسي مما جعلني متقبلا للآخر بغض النظر عن ثقافته ولونه وعرقه ودينه، وبدأت أنظر للأخرين بمنظار " ضع نفسك في حذائي"، أي في حال أني عشت تحت هذه الثقافة هل سأتصرف كما يتصرف هذا الشخص، في حال ولد من أبوين من تلك الديانة هل سأتصرف مثل هذا الشخص، وهلم جره..

من بعد وصولي إلى كندا، وخاصة كأي قادم جديد، يحتاج الى Netwroking مع الآخرين وبالفعل وجدت أفضل وسيلة هي التطوع. المجتمع الكندي مشهور بثقافة التطوع والتي أبهرتني، فوجدت اشخاص كنديين يبلغون من العمر أكثر من 70 عاما يتطوعون للخير، وجدت ذوي احتياجات خاصة يتطوعون، وجدت أنه لن تتخرج من المدرسة أو الجامعة إلا بعد الانتهاء من عدد من ساعات التطوع الاجبارية، فأوقفتني هذه الثقافة والتشريعات وجذبني هذا العمل الى سعادة حقيقية من خلال مساعدة الآخرين. لا أخفيك في البداية كان الهدف هو التعرف على الآخرين لمصلحة قد تكون شخصية، ولكن ما أن بدأت بالعمل التطوعي حتى أحببت ما أقوم به لأشعر بتعب جسدي ولكن بسعادة لا توصف في كل يوم أنهى فيه عملي التطوعي. لقد استفدت أكثر مما قدمت من الاعمال التطوعية أولا حسنات عند الله سبحانه لأني بكل عمل أقوم به أحتسبه عند الله وبراً بوالدي عسى أن يكون صدقة جارية لهم (الأبن الصالح يدعوا له). ثانياً التعرف على ثقافات الاخرين، عداك عن تكوين عدد كبير من الأصدقاء من مختلف الجاليات فقد تطوعت مع الجالية العربية والصينية والباكستانية والهندية واليابانية والكورية والتايلندية والفليبينية واللاتينية والروسية والاوكرانية وغيرها.

▪︎ بعد سنوات من العيش في كندا، كيف تُقيمون مستوى إندماج الجالية العربية في المجتمع الكندي المتنوع الثقافات، وهل هناك من نصائح تقدمونها للجالية لتلعب دوراً مؤثراً في هذا البلد العظيم.

لا أعرف إذا كنت الشخص الصحيح بتقديم أي نصائح لأحد، ولكن أتوقع أن الجالية العربية بشكل عام في تطور مستمر بالاندماج في المجتمع الكندي وخاصة في آخر سنوات سواء التطوع من أجل الأمور الخيرية، فقد تطوعت مع الجمعية الكندية الفلسطينية حديثاً لتقديم وتحضير وجبات الطعام للفقراء في "شيبيرك جود هوب"، ومع الجمعية المصرية الكندية في اوتاوا لتقديم الطعام في أوتاوا ميشن في عيد الشكر لعدد من السنوات، و كذلك مع الجالية المغاربية في تقديم الدعم للاجئين السورين القادمين الجدد، وهذا ان دل على شيء انما يبين أن هذه المؤسسات تعمل على رسم صور رائعة للمواطن العربي في المجتمع الكندي. قد نحتاج الى عمل أكثر منظم وخاصة خلال الانتخابات والاندماج في الأحزاب السياسية. كل له وجهة نظره في التصويت الانتخابي ' وهذا يحترم ' ولكن المشكلة الكبرى فيمن لا يصوت أصلا، وبعد الانتخابات يبدأ يصرخ بأن الوضع لا يعجبه واعتقد ان هذه المشكلة ليست فقط في الجالية العربية بل بكثير من الأقليات الأخرى. وهنا لا بد من توحيد الصفوف وجعل جاليتنا أكثر اهتماما للانتخابات، وخاصة أننا لسنا فقط مهتمين للسياسة الداخلية بل إن السياسة الخارجية جزء مهم في حياتنا..

العمل السياسي يمكن أن يبدأ سواء بالتطوع أو بدعم الحزب الذي تؤمن به أو حتى أضعف الإيمان هو التصويت... نتمنى لجاليتنا العربية كل الخير والبركة ولكن الله قال "قل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون".. فسبحانه وتعالى يحثنا على التخطيط والإعداد الجيد حتى نجني ثمار العمل على أكمل وجه. في الانتخابات الماضية عملت APAC مع باقي الجالية مشكوره وبجد على خلق استراتيجية مشتركة وقد تشرفت بحضور بعض الاجتماعات مع قامات من أبناء المجتمع العربي وقد حصل تحسن ملحوظ في نسبة المشاركة ولكن اعتقد ان هذه الانتخابات يجب العمل بجدية أكبر لتفعيل المشاركة الانتخابية واعتقد ان CAF على استطاعة للقيام بذلك وخاصة ان فيهم من خيرة الشباب والقادة ونحن سنساعدهم بإذن الله قدر الإمكان.

▪︎ لا شك أن نيلكم وسام الإستحقاق الملكي في كندا، هو وسام يفخر به كل أبناء الجالية، هل لكم أن تحدثونا بمزيد من التفصيل عن الأعمال التي قدمتموها حتى نلتم هذا الإستحقاق الكبير؟

هذا الوسام لم ولن يكون لي وحدي، فكل من دعمني وصدق برسالتي، ووقف بجنبي، وحتى تمنى لي الخير ودعى لي بظهر الغيب فهو مستحق لهذا الوسام. وخاصة عائلتي في مؤسسة البشرية من أجل السلام Humans for Peace Institution حول العالم، حيث أن لهم الفضل علي في كثير من الأمور فقد أمنوا برسالة المؤسسة التي تدعوا الى خير البشرية ومحاربة الجهل والحروب بنشر العلم والسلام، نحن لسنا مؤسسة دينية أو سياسية بل مؤسسة اجتماعية مبنية على المتطوعين 100% ونؤمن بحوار الحضارات وحوار الأديان لأنه كما قلت سابقاً أفضل طريق لفهم ثقافة الأخرين.

هذه الجائزة فخر لنا وستدفعنا للعمل الجديّ وأن نقوم بأعمال أكثر وأكبر لخدمة الآخرين. من أهم النشاطات التي قمنا بها هو العمل مع أطفال القادمين السوريين الجدد بالتعاون مع الجمعية الصينية في أوتاوا والفنان السوري العالمي محمد علي بعمل ورشات عمل للأطفال للتعبير عن أنفسهم ولمحاولة علاجهم من الصدمة بعد الحرب PTSD، وقد قمنا ببيع هذه اللوحات بمزاد علني و تم التبرع بجميع المبلغ من الأطفال السوريين الجدد للأطفال المرضى في مستشفى الأطفال في شرق أونتاريو، ثم قمنا بعمل عدد كبير من حملات التبرع بالدم للقادمين الجدد لنشر ثقافة التبرع بالدم، ثم قمنا بعمل حفل ثقافي وتم جمع تبرعات لأطفال السكان الأصليين في أوتاوا.

كما قمنا بدعم 3 مدارس في مدغشقر في أفريقيا والكثير من الاعمال التي يمكن الاطلاع عليها من خلال موقعنا http://www.humanspeace.org او من خلال متابعة صفحتنا على الفيس بوك او التوتير، كل هذا بأقل التكاليف وبدعم من أبناء المؤسسة وبعض أصحاب الأعمال المحليين. لدينا الكثير من المشاريع التي نأمل بإنجازها قريباً ولكن الدعم المالي حائل أمامنا للأسف وأن شاء الله سنجد الطريق لخدمة العالم لأننا نؤمن أن الجميع سواسية. كما أننا نأمل بنقل هذه الخبرة والأعمال والرسالة لوطننا العربي، ونحن مستعدون لذلك دون مقابل.

▪︎ يُقال عن كندا بأنها بلد الأحلام، هل يتفق د. جمال مع هذه المقولة؟ وهل تعتقد بأن الجالية قد حققت نجاحات بارزة في كندا؟ وهل لنا أن نسألكم عن حلمكم الذي تسعون لتحقيقه في كندا؟

لا يوجد أي مكان في العالم ليس له حسنات وسيئات، وأنت من تقوم بتحويل الأحلام إلى حقيقة بالتخطيط والعمل والجد، أما إذا كنت متوقعا أن تصل إلى كندا وأن تقطف النقود من الشجر فهذا خاطئ، ولكن كندا تؤمن بالعدل والمساواة والجميع أمام القانون متساويين وهذا مهم جداً. أما للرد على الشق الثاني لسؤالك فنعم الجالية العربية ولله الحمد تقوم بأعمال رائعة وممتازة في نشر الثقافة العربية بين الكنديين، فترى الآلاف يزورون الاحتفالات العربية للتعرف على الفن والموسيقى والثقافة العربية ومثال ذلك المهرجان الفلسطيني في أوتاوا، الركض من أجل فلسطين في أوتاوا وتورنتو، مهرجان الشرق في مونتريال والمهرجان العربي في كالجري وغيرها الكثير. ولكن كل هذا النجاح يمكن أن يكون أقوى وأفضل وأكبر إذا تجمعت الجالية على قلب رجل واحد.

الحقيقة مؤسفة لأن كثير من الجاليات متفرقة ومعظم هذه المشاكل لأسباب سياسية عائدة لما تركناه خلف ظهورنا، أعرف الموضوع صعب وشائب ولكن كم تمنيت أن نكون يداً واحدة على الأقل في بلاد المهجر.

▪︎ ما هي رسالتكم للجالية العربية في كندا؟

الاندماج في المجتمع الكندي لا يعني ترك ثقافتك ولكن على العكس إظهارها للكندين والجاليات الأخرى، وعلينا أن نشعر بواجبنا تجاه وطننا الغالي كندا بتقديم كل ما هو أفضل وواجبنا تجاه وطننا العربي بإظهار الصورة الحسنة للمواطن العربي والثقافة العربية. أهم شروط الاندماج هو تعلم اللغة وكسر حاجز الخوف من العمل او التطوع مع من هم من غير ثقافتك ودينك.

▪︎ في نهاية هذا اللقاء الطيب، هل من كلمة أخرى تودون إضافتها ولم ترد في أسئلتنا؟

أشكر لأيام كندية روح المبادرة وهذا اللقاء وأرجوا دائما أن ندعم بعضنا البعض بما فيه المصلحة العامة. مع تمنياتي بكل الخير والحب وتمام الصحة والعافية لجميع أبناء الجالية في كندا وحول العالم وأن يعم الأمن والسلم والسلام والحب على وطننا العربي إن شاء الله.

أوتاوا-كندا

١٢ أيلول سبتمبر ٢٠١٩

مواضيع ذات صلة